Q إذا اتفقت مع الراكب بمبلغ معين، ثم حصل هناك تأخير بسبب زحام شديد أو بعد الطريق غير المتوقع، فهل يجوز لي أن أطلب زيادة على الاتفاق؟
صلى الله عليه وسلم بالنسبة للزحام وما يقع من المشقة هذا ليس من حق صاحب السيارة أن يطالب فيه بالأجرة الزائدة؛ والسبب في ذلك: أنه مما جرى به العادة والعرف أن تكون الشوارع ميسرة وتكون الشوارع مغلقة على حسب أحوال الناس وما جرت به عادة الناس.
أما أن يقال: إذا ركب معه ثم وجد زحاماً طالبه بزيادة في الأجرة أو نحو ذلك فهذا لا يجوز، وهذا من غرم المنافع التي يتحمله من ربح الأجرة، فله غنمها وعليه غرمها، وبناءً على ذلك: لو كان الطريق فيه عطل وتأخر، فإنه لا يطالب بأجرة زائدة على أجرته؛ لأنه لم يزد على العمل الذي طلب منه.
مثلاً: أنت استأجرته لسبعة أو عشرة كيلومترات، فأوصلك العشرة الكيلومترات، فكونه يتأخر أو لا يتأخر هذا أمر يختلف بحسب اختلاف الأحوال والظروف، ولا علاقة له بالإجارة، ولست بمتحمل لذلك، وهذا شيء ليس بيدك ولا بيده، وبناءً على ذلك: يتحمل هو المسئولية، فكما أن له غنم الإجارة فعليه غرمها.
مثلاً: لو أنه اتفق معه على بناء مسكن بمليون، ثم ارتفعت أسعار المواد، فتصبح قيمتها ثلاثة أضعاف، فجاء وقال لك: أنا اتفقت معك والقيمة كذا وكذا.
تقول له: لا.
نحن اتفقنا على أن تبني، لو أن هذه الأشياء رخصت فليس من حقي أن أطالبك بالنقص، وإذا غلت ليس من حقك أن تطالبني بالزيادة، فلك الغنم وعليك الغرم.
وهذا أصل شرعي: أنه يتحمل غرمها كما أنه يأخذ غنمها.
فلو أن الأشياء رخصت والعمال رخصت أجرتهم فلا يأتي ويقول له: خذ الزائد.
ولا يمكن أن يقاص أحد أحداً بهذا، فالشريعة لو فتحت هذا الباب لحصل بين الناس من الفوضى ما الله به عليم، ولذلك إذا اتفقا على شيء فلا بد أن يتم ما اتفقا عليه، وله غنمه وعليه غرمه، ولا يتحمل بعد ذلك رب العمل ولا العامل ما يقع من الأمور الطارئة، وذلك مثلما يقع في البيع، فإنه قد يشتري العمارة بمليون، وفي اليوم الثاني بعد أن اتفقا وتم البيع تصبح قيمتها عشرة آلاف ريال، ولو اشترى العمارة وقيمتها مليون، وفي اليوم الثاني جاء مشروع بقيمة عشرة ملايين -مثلاً- فليس من حق أحد الطرفين أن يرجع ما دام أنهما قد اتفقا، وكأنهما حينما اتفقا على أن يبني له عمارته بعد سنة أو بعد شهر يكون قد تحمل مسئولية الثمن وتحمل مسئولية الشهر غرماً وغنماً، وهذا التحمل والتبعة والمسئولية متعلق بالطرفين، فكما أن رب المال ملزم، كذلك العامل والمقاول ونحوهما ملزم بإتمام الصفقة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.