قال رحمه الله: [وتلقيح] التلقيح، من اللقاح، والنخل بقدرة الله عز وجل لا بد أن يلقح، وبينا هذا في مسائل بيع النخلة إذا أبرت، وبينا صفة التأبير، فنقول للعامل: أنت مطالب بتأبير النخل ويسمى تغبير النخل وتلقيح النخل والتغبير؛ لأن العبرة بغبار الذكر، فالله بقدرته جعل النخيل على زوجين ذكر وأنثى، فالذكر يسمى بالفحول، ويخرج منه ما يسمى بالكيزان المغلقة والتي فيها مثل ماء الرجل وماء المرأة الذي هو اللقاح، كذلك هذا الغبار بالنسبة لأنثى النخيل مثل الماء الذي يكون بين الذكرين في الآدميين، فلا بد من هذا اللقاح.
وهذا اللقاح له عدة طرق، تارة يؤخذ من الفحول وينشر على الشمس حتى يتماسك؛ لأنه إذا كان طرياً تساقط غباره وذهب، فيقوم الفلاح بأخذ هذا العرجون الذي فيه أكثر من مائة مشجر من أشجاره، ثم تقطع واحدة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً على حسب صغر حجمها وكبره، وبعد أن تقطع تنشر في الشمس حتى تضرب، فإذا ضربت بالشمس انكمشت، وإذا انكمشت حفظت الغبار الموجود فيها، وبعضهم يأخذه طرياً ويلقح به طرياً.
هذا الغبار يؤخذ من الفحول ويوضع في الإناث، وبعض الأحيان يكون الغبار من العام الماضي يحتاط به الفلاح؛ لأنه ربما خرجت العراجين من الإناث قبل أن يتيسر لها اللقاح فيحتاط بوضعه من العام الماضي لقاحاً.
فإذا أخرجت الفحول هذا اللقاح طولب العامل بترتيب هذا اللقاح وتصليحه وتهيئته لكي يلقح به، ثم إذا تشققت الإناث لقح كل نخلة بالعرف، إن كانت النخلة تحتاج إلى تعجيل عجل، وإن كانت تحتاج إلى تأخير أخر فهو مسئول عن أمرين: الأمر الأول: لقاح النخلة.
والثاني: أن يلقح بالعدد والكمية والوقت والزمان المعروف عند أهل الخبرة.
فقد تحتاج النخلة إلى يومين أو ثلاثة وهو ما يسمى بالتبريد فلا تلقح مباشرة، وإنما تؤخر يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أربعة وهذا من مصلحة الثمرة، فلا يجوز أن يبكر ويلقح مباشرة بل ينتظر، فإذاً يفعل في اللقاح ما هو مقتفى ومعروف عند أهل الخبرة، فلو أن لرب المال بستاناً ليس فيه لقاح أي: ليس فيه ذكر وجاء العامل وقال: أنا مستعد أُلقح لكن لا يوجد لقاح ذكر؟ نقول لرب البستان: أنت مطالب بإحضار اللقاح، والعامل مطالب بوضع هذا اللقاح في النخل، فإذاً من حيث الأصل العامل ليس مطالباً بتأمين اللقاح، إنما هو مطالب بوضع اللقاح وتهيئته إن كان موجوداً في البستان.