Q لو كانت الخسارة بسبب تفريط أحد الشريكين، فما الحكم؟
صلى الله عليه وسلم باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد: فإذا كانت الخسارة بسبب تفريط من أحد الشريكين، فإنه يتحمل مسئولية ذلك التفريط، وبينا ذلك بالأمثلة، منها: أن يقول الشريكان: نتفق على أن البيع لا يكون إلا بالنقد، فباع بالأجل، وباع بالنسيئة والتقسيط، ثم شاء الله أن الذي بِيْعَ له مفلس، وهذا فيه ضرر على الشركة؛ لأن الدفع يتأخر وتدخل الشركة أسوة للغرماء في مال المفلس، وهذا فيه مماطلة وفيه تأخير وإجحاف بمال الشريكين، فحينئذ هذا الضرر أدخله أحد الشريكين دون رضا الآخر.
فنقول للشريك الآخر: هل ترضى بما فعل؟ فإن قال: أرضى، فحينئذٍ يثيبه الله على صبره، وهذا من الإحسان.
أما لو قال: لا أرضى، فحينئذٍ يتحمل الشريك عاقبة هذه الخسارة، ويصبح الدين في مال الشريك، ويغرم لشريكه قيمة المال وربحه، واختلف العلماء: فقال بعضهم: يغرم قيمة المال والربح نقداً، فمثلاً: باع سيارة بعشرة آلاف ريال نسيئةً الذي هو التأخير بالتقسيط، والسيارة لو بيعت نقداً فستباع بخمسة آلاف، ورأس مال الشركة في السيارة أربعة آلاف ريال، فمعنى ذلك أن الربح للشركة سيكون ألف ريال.
فبعض العلماء يقول: يغرم الأربعة آلاف فقط، بمعنى أنه يرد لشريكه ألفين، دون الربح؛ لأن الصفقة ألغيت من أصلها ولأن البيع لم يكن بيع ربح، فقالوا: يرد الأصل فقط.
وبعض العلماء يقول: لا.
البيع تمت فيه صفقةُ ربح رضي فيها الشريك، وكان بالإمكان أن تكون بربح معجل، ففرَّط الشريك، فأدخل الربح المؤجل بالضرر، فيضمن الخمسمائة التي هي نصيب شريكه، فيدفع لشريكه ألفين وخمسمائة، التي هي قيمة البيع بخمسة آلاف نقداً، وهذا هو الأصح والأوجه، أنه يضمن لشريكه -في مثل هذه الصورة- الألفين التي هي جزء الشريك من رأس مال الشركة في الصفقة، ويضمن له الربح من نفس العين المباعة نقداً، وأما بالنسبة للشريك فيكون وجهه على المشتري ويتحمل مماطلته وتأخيره.
والله تعالى أعلم.