وأحب أن أقدم بمقدمة يتهيأ بها الإخوان لمعرفة أحكام المياه التي يذكرها العلماء رحمة الله عليهم: لابد لكل مسلم أن يعرف الأحكام التي تتعلق بالمياه؛ لأنه لا صلاة له إلا بماء معتبر، بعد أن يكون طاهر الثوب والبدن والمكان.
والمياه منها ما أذن الله بالطهارة به، ومنها ما لم يأذن الله بالطهارة به، فلابد للمكلف أن يعرف ما هو الماء الذي يتوضأ ويغتسل به، وما هو الماء الذي لو توضأ أو اغتسل به لم يصح وضوءه ولا غسله.
وبناءً على ذلك فهذا الباب مهم، فنحتاج أول شيء أن نعرف أقسام المياه؛ لكي نرتب بعد ذلك الأحكام المتعلقة بكل قسم على حدة.
الماء قسمه العلماء -على مذهب الجمهور- إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: الماء الطهور.
والقسم الثاني: الماء الطاهر.
والقسم الثالث: الماء النجس.
فعندنا ثلاثة أقسام: إما ماء طهور، وإما ماء طاهر، وإما ماء نجس.
فيرد السؤال مباشرة: ما السبب في تقسيم الماء إلى هذه الأقسام؟
و صلى الله عليه وسلم أن الماء له حالتان: الحالة الأولى: إما أن يبقى على أصل خلقته كماء السيل، وماء البئر، فما نزل وجرى به السيل فهو باقٍ على أصل خلقته، وما نبع من بئر فهو باقٍ على أصل خلقته.
الحالة الثانية: أن يأخذه المكلف فيضع فيه شيئاً يخرجه عن أصل خلقته، أو يأتي ريح فيلقي فيه شيئاً فيخرجه عن أصل خلقته.
ففي الحالة الأولى إذا بقي على خلقته يسمونه: الماء الطهور: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:48] وهو القسم الأول.
القسم الثاني: إذا تغير هذا الماء عن الخلقة فإما أن يتغير بشيء طاهر، وإما أن يتغير بشيء نجس.
فإن جاء المكلف ووضع فيه شيئاً طاهراً كحمص أو باقلاء أو زعفران، فتغير الماء بالحمص أو الباقلاء أو الزعفران، صار ماء زعفران أو ماء باقلاء أو ماء حمص أو غيره.
فتسميته ماءً طاهراً؛ لأنه انتقل عن أصل خلقته إلى صفة جديدة تخالف ما خلقه الله عليه، فأصبح فيه لون الزعفران وطعمه ورائحته، فلو قلت: هذا ماء طهور، لم تصدق؛ لأن الطهور باقٍ على خلقته، وهذا غير باق على الخلقة، حيث تغير بطاهر.
القسم الأخير: أن يتغير بنجس، كإناء فيه ماء فجاء صبي وبال فيه أو سقطت فيه نجاسة، فتغير لون الماء بلون النجاسة أو رائحته برائحة النجاسة، فحينئذٍ يكون الماء ماءً نجساً.
إذا الآن عندنا ثلاثة أقسام للماء: ماء باقٍ على أصل خلقته.
وماء متغير عن أصل خلقته، إن كان بطاهر فطاهر، وإن كان بنجس فنجس.
العلماء رحمهم الله يتكلمون على هذا: حقيقة الماء الطهور والطاهر والنجس.
وبناءً على ذلك يرد
Q ما الذي يحل أن أتوضأ وأغتسل به وأزيل به نجاسة الثوب والبدن والمكان؟ وما هو الذي بخلاف ذلك؟