إذا ثبت أن الوكالة بالخصومة مشروعة ف
Q إذا وكلت شخصاً في خصومة هل من حقه أن يقبض عنك أو ليس من حقه؟ توضيح ذلك: لو وكلت شخصاً أن يدافع عنك في مائة ألفٍ تستحقها على شخص، فلما أقام القضية وأثبت أن لك عند فلان مائة ألف، وحكم القاضي بهذه المائة، هل يجب على الخصم أن يدفع الألف إلى وكيلك أو لا يجوز أن يدفعها إليه بل يدفعها لك؟ وبعبارة أخرى: هل توكيلك في الخصومة يعتبر إذناً بالقبض -أي: قبض الحق- أو ليس إذناً بذلك؟ اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة فقال بعض العلماء: التوكيل في الخصومة لا يستلزم القبض، وهو مذهب الجمهور: حتى إن صاحبي الإمام أبي حنيفة رحمةُ الله على الجميع: القاضي أبو يوسف القاضي، والإمام محمد بن الحسن يقولان رحمهم الله: إنه إذا وكله في الخصومة فليس من حق المحامي والوكيل أن يقبض المال، وإنما من حقه فقط أن يثبت الحق، أما استلام الحق فهذا مرده إلى الموكل، وحينئذٍ يحكم القاضي بأن لك مائة ألف، ثم ننتظر: إن شئت أن توكل شخصاً آخر بالقبض، وإن شئت أن توكل المحامي بالقبض تقول: وكلته في الخصومة وهو أن يقبض الحق الفلاني في هذه الخصومة، إذا ثبت هذا، فالجمهور يقولون: إنه إذا وكله الخصومة، لا تستلزم وكالة الخصومة القبض.
وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله وطائفة من العلماء: التوكيل في الخصومة توكيل في القبض، والمحامي من حقه أن يستلم هذا المال، ومن حقه أن يستلم ما حكم به القاضي من حقوق، والصحيح: ما ذهب إليه الجمهور؛ ولذلك إذا وكلت أحداً في الخصومة فقد ترضاه مخاصماً ولا تأمنه على مالك، ويكون رجلاً يحسن الجواب والخطاب ولكن لا تأمنه على مالك، وحينئذٍ يفرق بين الإذن بالخصومة والإذن بالقبض، حتى قال بعض العلماء: من وكل بالخصومة فإنه غير موكل بالقبض لا لفظاً ولا عرفاً، يعني: لا لفظ الوكالة يستلزم أن يقبض، ولا عرف الناس يستلزم أن الخصومة تستلزم القبض، ولذلك ليس من حقه أن يقبض المال وليس من حقه أيضاً أن يقبض ما حكم به القاضي لموكله.