بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وخير خلق الله أجمعين، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [كتاب الطهارة].
الكلام على هذه الجملة في مواضع: الموضع الأول: في بيان معنى قوله: (كتاب الطهارة).
والموضع الثاني: في بيان مناسبة تقديم كتاب الطهارة وجعله في صدر هذا الكتاب.
يقول المصنف رحمه الله: (كتاب الطهارة).
الكتاب: مصدر، مأخوذ من قولهم: كتب الشيء يكتبه كتابة وكتبا، وأصل الكَتب في لغة العرب: الضم والجمع، ومن ذلك قولهم: تكتب بنو فلان، إذا اجتمعوا.
قال العلماء: سمي الكتاب كتاباً لاجتماع حروفه بعضها إلى بعض.
وقوله: (كتاب الطهارة)، الطهارة: مأخوذة من الطهر، وهو: النقاء والنظافة من الدنس والأقذار، فأصل الطهر في اللغة: النقاء.
وأما في اصطلاح العلماء: فإنهم إذا قالوا: الطهارة، فمرادهم بها شيء مخصوص، عبروا عنه بقولهم: صفة حكمية توجب لموصوفها استباحة الصلاة والطواف بالبيت ونحوها مما تشترط له الطهارة.
معنى العبارة: أن الطهارة إذا وصفت بها مكلفاً فإن هذا الوصف من لوازمه أنه صفة حكمية، فلا تستطيع أن تجد للطهارة أوصافاً محسوسة، ولذلك هي حكم يحكم به على الإنسان، يقال: فلان متطهر، وفلان غير متطهر، وليست الطهارة شيئاً محسوساً تراه كالثوب والكساء ونحو ذلك، وإنما هي شيء معنوي.
ولذلك قالوا: صفة حكمية، أي: غير محسوسة ولا مرئية ولا ملموسة، لكن لو قلت فلان لابس، فلان مكتسٍ، فإن الكساء مدرك بالحس، لكن: فلان متطهر لا تستطيع أن تقول: فلان هذا متطهر، وتشير إلى وصف موجود في ظاهره، وإنما هو وصف حكمي لا يتعلق بالمحسوسات.
صفة حكمية تثبت لموصوفها، أي: للشخص الذي تصفه بها، استباحة الصلاة، أي: حل فعل الصلاة؛ لأن الله أمر كل من قام إلى الصلاة أن يتطهر لاستباحة الصلاة والطواف بالبيت ونحو ذلك مما تشترط له طهارة.