قال رحمه الله: [ولا إقراره عليه] من دقة العلماء أنهم يذكرون الأصل وما يتبع الأصل، فالإقرار بالمال ليس بتصرف مباشر في المال، ولكن يئول إلى التصرف في المال؛ كما إذا حجرنا على شخص عليه دين مائتا ريال، فلما حجرنا عليه وثبت عند القاضي فلسه جاء رجل بعد أسبوع وقال: فلان أقر لي بمائة، فننظر في الإقرار: فإذا كان الإقرار قبل حجره عليه مضى ونفذ، وإن كان بعد الحجر عليه؛ فإنه لا يصح ولا ينفذ لوجود الشبهة والتهمة، ولأن التصرف أصلاً لا ينفذ، فإقراره بالمال يصح من حيث الأصل، ولكن لا يطالب بالسداد ولا يؤخذ من ماله سداد لهذا الحق إلا بعد انتهاء الغرماء الأولين.
فالإقرار نؤاخذ به؛ لأن شروط الإقرار متوفرة، لكن أن ينفذ لا، بل نوقفه ويبقى موقوفاً عن النفاذ حتى يسدد الغرماء الذين حجر من أجلهم أولاً ثم بعد ذلك يسدد هذا الدخيل.
والسبب في هذا: أنه لو كان ينفذ إقراره وكان عندنا -مثلاً- صاحب شركة عليه مليون ديناً، وشركته -مثلاً- دون المليون وحجرنا عليه، فبإمكانه أن يأتي لشخص ويقول له: أقر لك بمال ودين زوراً وكذباً وتدخل تزاحم الغرماء، وحينئذٍ لا تباع كل الشركة للغريم، وإنما يكون لي حصة بدخولك معهم، وممكن أن يدعي أن فلاناً له عليه مليون بدل ما هي مائة ألف، فيدخل على الغرماء ويضر بهم.
ولذلك قطع هذا الباب وأقفل مع أن الأصل أن إقراره نوع تصرف، والتصرف في ماله موقوف حتى انتهاء الحجر عليه إذا أقر به للغير.