قال رحمه الله: [لا مس شعر وظفر] إذا قلنا: إن مس المرأة يوجب انتقاض الوضوء، فأعضاء المرأة تنقسم إلى قسمين عند العلماء: ما هو متصل، وما اختلف فيه هل هو في حكم المتصل أو المنفصل.
فإذا تقرر أن اللمس يؤثر، فيرد السؤال عن الأعضاء التي اختلف فيها العلماء كالشعر والظفر؟ فقال بعض العلماء: شعر المرأة في حكم المنفصل وليس في حكم المتصل، وهي قاعدة تكلم عليها الأئمة، ومنهم الإمام ابن رجب في القواعد الفقهية، في القاعدة الخامسة أو السادسة تقريباً.
فإذا قلت: إن شعر المرأة في حكم المتصل فإنه ينتقض الوضوء بلمسه من المرأة، وإن قلت: إن شعر المرأة في حكم المنفصل فلا ينتقض وضوء الرجل إذا لمسه من امرأة.
وتتفرع على هذا مسائل: إن قلت: إن شعر المرأة في حكم المنفصل، فلو غطت به وجهها في الإحرام وجبت عليها الفدية؛ لأنه منفصل عنها وليس بمتصل، ويتفرع عليه إن قلت إنه منفصل: ما لو لمسه المتوضئ فإنه لا يحكم بانتقاضه؛ لأنه في حكم المنفصل، أما لو قلت: إنه في حكم المتصل، وسدلت شعرها على وجهها حتى غطته عن الشمس، فإنه لا يوجب الفدية عليها، وإن قلت: إنه في حكم المتصل ولمسه الرجل، فإن اللمس يوجب انتقاض الوضوء، هذه فائدة كلامهم على الشعر: هل هو في حكم المتصل أو في حكم المنفصل، فدرج المصنف -وهو اختيار جمع من العلماء- على أن الشعر في حكم المنفصل وليس في حكم المتصل، ودليل الحس دال على ذلك: وهو لو أن إنساناً أحرق طرف الشعر لم يشعر بالألم في طرفه، ولذلك الشعر لا ينقل الإحساس، فإذا كان اللمس مركَّباً على الشهوة، فإن لمس شعر المرأة لا توجد به الشهوة، والرجل يراه منفصلاً فلا يجد به أثر الشهوة، ولذلك قالوا: إن لمس شعر المرأة -إذا قيل بانتقاض الوضوء بلمسها- يستثنى من ذلك لكونه منفصلاً لا متصلاً بها.
قوله: (وظفر) كذلك الظفر؛ لأن كلاً من الشعر والظفر الحياة فيهما حياة نمو وليست بحياة روح؛ لأن أعضاء الإنسان فيها ما حياته حياة روح كاليد والرجل، وفيها ما حياته حياة نمو كالشعر والظفر، فالشعر في الإنسان حياته حياة نمو وليست بحياة روح، ولذلك قالوا: إن لمس الظفر كلمس الشعر، فلو أحرقت ظفراً فإنه لا يسري الألم إلا بعد فترة، فدل على أنه ليست حياته حياة روح وإنما هي حياة نمو كالشعر.