قال: [وكل مغشوش].
من دقة المصنف ذكر لك ما اختلف في حجمه، فإذا قلت: إن مختلف الحجم لا ينضبط تأتي أمورٌ ملحقة بهذا المعنى ليست من جنس الأحجام كالسوائل، فالسوائل ممكن ضبطها بالوزن وممكن ضبطها بالكيل، مثلاً: عندنا العلبة التي يوضع فيها العود، لو قال له: أسلم في مائة علبة من العود، فهذا في حكم المكيل، وتكون معدودة بالعدد على القول بجواز السلم في العدد فلا إشكال، وهناك أنواع من العود: كالكمبودي أو الهندي، فالنوع المخصوص الذي يريده، إذا وضع له ضابطاً في هذا النوع من العود لا إشكال، لكن لو أن السلم وقع على نوع من الطيب مخلوط، فإنه لا ينضبط إذا كان مخلوطاً، فإن طيب الأخلاط كما سيأتي مثل مختلف الرءوس ومختلف القماقم من حيث المعنى، فالأمر لا يختص بالجوامد بل يشمل حتى السوائل.
قال رحمه الله: [وما يجمع أخلاطاً غير متميزةٍ كالغالية والمعاجين].
جاء المصنف رحمةُ الله عليه بأمثلة من الجوامد، فأعطى مثالاً على الطعام، وأعطى مثالاً على غير الطعام، ثم بعد ذلك ذكر السوائل، قال: (وما يجمع أخلاطاً)، يعني: يجمع أكثر من نوع فلا ينضبط به، ولا يمكن أن تحدد كم نسبة هذا من نسبة هذا فلا يصح، ما السبب؟ لأنه يوجب الشحناء والنزاع، ولا يمكن به حفظ الحقوق، لا حفظ حق البائع ولا حفظ حق المشتري؛ لأن الأخلاط يقع فيها الخطأ في التقدير والضبط فيها يكون متعذراً أو متعسراً.
قال: [أخلاطاً غير متميزةٍ كالغالية والمعاجين].
أما إذا تميزت جاز، فمثلاً لو عندنا صنف من الطيب كصنف يخلط من العودة والورد، وكان للعودة نسبة معينة في العلبة، وهي نصف العلبة، فيخلط بطريقة معينة يتميز بها، كأن يكون نصف التولة من العود ونصف التولة من الورد، ويخلط، وأهل الخبرة يضبطونه بذلك: صح؛ لأن مدار المسألة على الانضباط فإذا لم ينضبط: لم يصح.
قوله: (كالغالية والمعاجين فلا يصح السلم فيه).
فلا يصح السلم فيه للعلة التي ذكرناها.