قد يقال: فإذا كان بدو الصلاح باللون، ففي بعض الأحيان تكون النخلة خضراء، كالخضري الآن، فالخضري لا يحمر ولا يصفر؟ قلنا: اللون علامة بدو الصلاح الأولى، وقد أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم لقوله: (حتى تزهي؟ قالوا: يا رسول الله! وما تزهي؟ قال: تحمار أو تصفار)، فإذا كان لونها واحداً قبل بدو الصلاح وبعد بدو الصلاح كالخضري، وهو نوع من التمر ونوع من النخل أخضرُ لا يحمار ولا يصفار، فمتى يحكم ببدو صلاحه؟
صلى الله عليه وسلم يحكم ببدو صلاحه بطيب أكله، فإذا أصبح حلواً وطاب أكله، فحينئذ يكون قد بدا صلاحه، أما قبل الإزهاء فلا يمكن أن يكون حلوا، وفي بعض الأحيان يكون الفرق يوماً واحداً، بالأمس تمر على النخل فلا تجد فيها حبة صفراء، وتصبح في اليوم الثاني وإذا بها قد اصفرت أو احمرت، قال تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل:88] سبحانه لا إله إلا هو! وفي بعض الأحيان عندنا في المدينة إذا طلع سهيل تكون الثمرة موجودةً ويكون البلح موجوداً، فتأكل البلح بالأمس له طعم، وإذا طلع النجم أكلتها في اليوم الثاني كأنها لم تكن مرّةً، وهذا شيء جربته بنفسي؛ لأن الله تعالى قدر كل شيء بوقته وزمانه.
فالشاهد أنه ربما يكون الفرق يوماً واحداً في بدو الصلاح، فما كان بلونه فبلونه، وما لم يكن باللون يكون بالطعم، والدليل على ذلك الحديث أيضاً، وهو صحيح وثابت أنه نهى عن بيع الثمرة حتى تؤكل، فقوله: (حتى تؤكل)، وفي رواية: (حتى تُطعم)، وذلك بأن يكون طعمها صالحاً للأكل، وبناء على ذلك جاءت العلامة الثانية: أن يكون بدو الصلاح بالطعم.
فهناك علامة بالطعم، وهناك علامة باللون، وهناك علامة ثالثة في النخل بالزمان، وهي طلوع الثريا؛ لحديث أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حتى يطلع النجم، وتؤمن العاهة)، أي: أن الله تعالى جعل طلوع النجم بداية لموسم صلاح الثمار، وهذا -كما ذكر بعض العلماء رحمه الله تعالى- من الاهتداء بالنجم الذي ليس بمحرم؛ لأن الله تعالى يقول: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:16]، والمراد بطلوع النجم: طلوع الثريا، وهذا في بعض الأماكن مثل المدينة والحجاز، فإذا طلعت الثريا، يبدأ الصلاح، وفي المدينة غالباً إذا طلعت الجوزاء فإنه يبدو الصلاح، ويبدأ الإزهاء في النخل فيحمر ويصفر، وهذا كما ذكرنا علامة زمان، فسبحان الله الذي بيده ملكوت كل شيء!