قال رحمه الله: [فإن اختلف الجنس جازت الثلاثة] هناك ثلاث صور: - الصورة الأولى: أن يكون البيع مع اتحاد الجنس والصنف، فيجري فيه الربا من وجهين.
- الصورة الثانية: أن يتحد الجنس ويختلف النوع، فيجري فيه الربا من وجه واحد.
- الصورة الثالثة: أن يختلف الجنسان، فلا يجري فيه ربا التفاضل ولا النسيئة.
فإذا اتفق الجنسان والصنفان حرم التفاضل والنسأ، وإذا اختلف الجنسان جاز أن يباع كيلاً، ووزناً، وجزافاً، فلا بأس بذلك ولا حرج فيه؛ لأنه لا يشترط فيه التماثل.
وقوله: [والجنس ما له اسم خاص يشمل أنواعاً]: هذا الجنس الأخص.
وقوله: [كبر ونحوه]: البر منه الشامي والحجازي، وغيرهما من الأنواع الأخرى، فهو جنس واحد ولكنه يشمل أنواعاً، وهناك بعض المطعومات يكون جنسها واحداً، وهناك الأجود والجيد والأوسط والرديء، فهو يشمل أنواعاً متعددة.
فعندما نقول: البر يشمل عدة أنواع، والذهب يشمل جيده ورديئه، فيشمل: السبائك والخام والحلي والمضروب؛ فالجميع لابد فيه من التماثل والتقابض إذا اتحد صنفه وجنسه.
وقوله: [وفروع الأجناس كالأدقة والأخباز والأدهان].
الدقيق يكون من البر ومن الشعير، فدقيق الشعير لا يباع بدقيق الشعير ولا يباع بشعير، ولو اختلف الدقيق؛ كدقيق من شعير مشرقي مثلاً بدقيق من شعير مغربي، فنقول: إن اختلاف نوعيهما لا يمنع من الحكم الأصلي من وجوب التماثل فيهما، فلابد من بيعها متماثلة، ويكون ذلك يداً بيد.
وهكذا الأرز، فإن الأرز عدة أنواع، فلو أراد رجل أن يبادل كيساً من الأرز بكيس من نوع آخر، فنقول: فروع هذه الأجناس كل فرع منها إذا كان له اسم خاص وبيع بمثله فإنه يجب أن يباع يداً بيد، مثلاً بمثل، فالأرز أياً كان نوعه لابد فيه من التماثل، وهو جنس ويشمل أنواعاً عديدة، لكن يجب فيها التماثل جميعاً جيدها ورديئها وأوسطها.
وقوله: [واللحم أجناس باختلاف أصوله].
فهناك لحم إبل، ولحم بقر، ولحم غنم، ثم هذه الأنواع تحتها أنواع، فالإبل مثلاً هناك لحم لصغار الإبل، ولحم لكبار الإبل، أو لحم من إبل عرابية ولحم من إبل بختية، فالجميع يجب فيه التماثل، لكن لو بيع لحم إبل بلحم غنم، فنقول: إن فروع الأجناس أجناس، فلحم الإبل جنس ولحم الغنم جنس، فيجوز أن تبيع لحم الإبل بلحم الغنم متفاضلاً في الوزن، ولكن يداً بيد؛ لأنه مطعوم موزون.
فإذا سأل سائل عن بيع اللحم باللحم؟ فنقول: فيه تفصيل: فإن اتفقا فكانا من نوع واحد: كلحم إبل بلحم إبل، فيجب التماثل والتقابض، فهو صنف واحد، وأما إذا اختلف كلحم إبل بلحم بقر، أو لحم إبل بلحم غنم، فإن هذا جنس وهذا جنس، فيجوز التفاضل ويجب التقابض.
وقوله: [وكذا اللبن].
فهناك لبن البقر، ولبن الغنم، ولبن الإبل، فمثلاً: اللبن الذي يباع يوجد منه في السوق بالألتار، ويكتب على العلبة: نصف لتر، أو لتر، وهذا اللتر يكون من جنس المكيلات، فلو سأل سائل عن مبادلة كرتون من هذا النوع من الحليب بكرتونين من نوع آخر من نفس الحليب، لكن هذا حليب مراعٍ والآخر نوع آخر فنقول: ما دام أنه لبن بقر فيجب فيه التماثل والتقابض، الكرتون بالكرتون مع التماثل في الكيل، كمائة لتر بمائة لتر، ويكون يداً بيد.
لكن لو كان أحد الكرتونين من لبن البقر، والكرتون الآخر من لبن الإبل، فنقول: يجوز بيع الكرتون بالكرتونين والثلاثة؛ لأن الجنس واحد، ولكن النوع مختلف، فلا يشترط التماثل.
وقوله: [والشحم].
الشحم المأخوذ من بهيمة الأنعام يختلف، فهناك الشحم الذي يؤخذ من الإبل أو البقر أو الغنم، فإذا باع شحوم الإبل فيجب التماثل والتقابض، إذا كان بعضها ببعض، وكذلك البقر والغنم.
لكن لو أراد أن يبادل شحم الإبل بشحم الغنم، جاز التفاضل ووجب التقابض، إذاً: إذا ضبطت القاعدة فهذه كلها أمثلة تطبيقية على ما يشترط فيه التماثل والتقابض.
وقوله: [والكبد أجناس].
فالكُبود التي تكون من الإبل لها حكم، والكُبود التي تكون من البقر لها حكم، والكُبود التي تكون من الغنم لها حكم، فإذا باع كبود الإبل فتقول: إذا كان بعضها ببعض وجب التقابض والتماثل، وإن كانت كبود إبل بكبود بقر جاز التفاضل ولم يجز النسأ.