يبقى النظر في الخارج من غير البول والغائط والريح: وهو الخارج من دود، أو حصى: فلو خرج من الدُّبُر دودٌ أو حصى، فالقول فيه كالقول في القُبُل؛ أنه إذا صحبه ندى أو رطوبة حُكِم بالانتقاض، لا للذات؛ ولكن لما صاحبه من النجاسة.
لكن هنا مسألة ينبغي التنبيه عليها: وهو أنه ينبغي الاحتياط، فلو خرج الدود أو خرج الحصى فإنه يحتاط بالوضوء، وبإعادة ذلك الوضوء.
ومسألة خروج الحصى أو الدود تتفرع عليها مسائل، منها: هل خروج الطاهر من القُبُل والدُّبُر يوجب انتقاض الوضوء أو لا يوجبه؟ قال بعض العلماء: خروج الطاهر من القُبُل أو الدُّبُر يوجب انتقاض الوضوء، بدليل المَنِي، فقد قال عليه الصلاة والسلام لـ عمر لما سأله: (أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: توضأ واغسل ذكرك)، قالوا: إن المَنِي طاهر، فأمره بالوضوء وغَسل العضو، فدل على أن الطاهر إذا خرج أخذ حكم النجس، هذا وجه من يقول: إن الحصى والدود وكل طاهر يخرج من القُبُل والدُّبُر ينقض الوضوء.
لكن أجيب بأن الأمر من النبي -صلى الله عليه وسلم- لـ عمر: بقوله: (توضأ واغسل ذكرك) ليس لذات الخارج، وإنما هو لعلة طبية، حتى قال بعض الأطباء: إن مرضَ البروستاتا ينشأ عن عدم غسل العضو بعد خروج المني، لكن إذا صبَّ الماء على العضو بعد خروج المَنِي فإنه أبلغ في الوقاية -بإذن الله عز وجل- من مرضها، فأصبحت علةً طبية أبلغ منها شرعية، ويؤكد هذا: أن مجرى البول ليس بمجرى المَنِي، فدل على أنه لا يجري على مسألتِنا؛ لأن مسألتَنا أن يجري الطاهر في مجرى البول وأن يخرج من مخرجه، والمَنِيُّ ليس مخرجه من مجرى البول، كما هو ثابت طبياً.
وبناءً على ذلك إذا قلت: إن خروج الطاهر يوجب انتقاض الوضوء، سواءً كان من قُبُل أو دُبُر، فالعلماء يقولون: لو أدخل الطبيب آلةً في الدبر وسحبها انتقض الوضوء، مثل المناظير الموجودة الآن التي تتفرع عليها مسائل منها: أنها توجب انتقاض الطهارة، فإذا سمعتَ من يفتي بانتقاضها، فهو قول مخرَّج على القول بأن مجرد خروج الطاهر -بغض النظر عن كونه أُدخِل وأُخرِج، أو كونه خَرَج من الجوف- يوجب انتقاض الطهارة.
وقوله: (ما خرج).
الخروج ضد الدخول، ويرد
Q ما ضابط تقييده بوصف الخروج؟ الخروج يتحقق بمجاوزة حلقة الدبر بالنسبة لما يخرج من الدبر، أو يكون على رأس مجرى الإحليل في الحشفة، بالنسبة للقُبُل.
ويتفرع على هذا مسائل: منها: المسألة اللطيفة: لو أن إنساناً دهمه البول -كما يقع لبعض المرضى- وهو في التشهد، فأمسك العضو وقد احتقن مجرى البول حتى سَلَّم، ثم خرج بعد سلامه، صحَّت صلاته، ولا عبرة بكونه في المجرى المقارب للمخرج.
إذاً: لا بد في الحكم بكون الوضوء منتقضاً أن يكون قد خرج من رأس العضو سواءً كان للرجل أو للمرأة.
فلابد من المجاوزة، فلو شعر به في المجرى لم يكن شعورُه بجريانه في المجرى موجباً للحكم بالانتقاض.