أما جنس المطعومات، فهناك أربعة أصناف نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي: البر، والتمر، والشعير، والملح.
- فالبر والشعير جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً للحبوب.
- والتمر جعله أصلاً للحلويات؛ كالعسل والزبيب ونحوه.
- والملح جعله أصلاً لما يستصلح به الطعام؛ كما يقع في الأدقة ونحوها.
فهذه الأصناف تسمى بالأصناف المطعومة، فلو أخذنا البر، بأن يبيع البر بالبر، فينبغي أن يكون مثلاً بمثل، يداً بيد، سواءً كان كلا البرين جيداً، أو كان أحدهما جيداً والآخر رديئاً، أو كان أحدهما جيداً والآخر أجود منه، فلابد أن يبيع مثلاً بمثل.
ولو قيل: كيف أبيع الجيد بما هو أردأ منه مثلاً بمثل؟ فيقال: إذاً بعه بالنقد، ثم اشتر بذلك النقد بديله وما تريد مقامه.
فإذا قيل: هذا تعب وتكليف للناس، فيقال: هكذا جاءت السنة، ولا يسعك إلا أن تسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً)، فدل على أنه يعدل إلى الحيلة الشرعية التي نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما قلنا في الذهب والفضة: يستوي الجيد والرديء، ولابد من التماثل والتقابض، فلو قال له: خذ البر الآن وأنا آخذ منك غداً، أو آتيك بعد ساعة، فإنه يعتبر ربا نسيئة، ولا يجوز إلا إذا كان يداً بيد مثلاً بمثل، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مثلاً بمثل، يداً بيد).
وكذلك التمر: فإذا بادل التمر بالتمر فلابد أن يكون مثلاً بمثل بالكيل.
والفرق بين التمر والذهب والفضة: أن الذهب والفضة تتحقق المماثلة فيهما بالوزن، وأما بالنسبة للتمر والبر والشعير والملح، ففي الأعراف المشهورة في العهد القريب تتحقق المماثلة فيها بالكيل، فلابد إذا باع طعاماً من تمر أن يماثله بصاعٍ مثله، فلو باعه الصاع بالصاعين أو الصاع بالصاع والنصف، فهذا هو الربا الذي حرم الله، وهو ربا الفضل.