حق الفسخ في الإجارة

Q استأجرت داراً لمدة سنة، ودفعت الإيجار مقدماً، وبعد بضعة أشهر أحببت الخروج من الدار، فهل لي أن أطالب المالك بإرجاع ما تبقى لي من قيمة أشهر السنة، أثابكم الله؟

صلى الله عليه وسلم هذه المسألة مفرعة على مسألة وهي العقود اللازمة والعقود الجائزة.

فالعقود اللازمة مثل البيع والإجارة ليس من حق أحد الطرفين أن يفسخ دون رضا الآخر، فالبيع عقد لازم، فليس من حق المشتري بعد أن تفترقا أن يأتيك ويقول: لا أريد؛ لأنك تقول له: هذا عقد يلزمك، وليس من حقك أن تفسخ هذا البيع إلا بإذني ورضاي، كذلك إذا استأجرت سيارة لتذهب بها إلى الحرم بعشرة ريالات، فركبت معه فإذا ركبت معه، وشرع يمشي فبمجرد مشيه لزمتك الإجارة، وحينئذٍ تمضي معه، فإن أتم لك المشوار استحق الأجرة، وإن امتنع أن يتم لك المشوار أو تعطلت سيارته فعليه أن يقيم غيره مقامه، ولو لم يجد الغير الذي يقوم مقامه، فعليه أن يقدر المسافة من الموضع الذي أخذك منه إلى الموضع الذي تعطلت فيه السيارة، فإن كان نصف المشوار استحق خمسة ريالات، أي: يقدر بقدر ما عمل.

لكن لو جئت تقول له: أريد أن توصلني إلى المدينة، ثم لما مضى بك كيلو أو كيلوين أو نصف كيلو قلت: لا أريد، فذلك ليس من حقك فقد مضت الإجارة ولزمت.

هذا بالنسبة لإجارة الركوب.

وكذلك إجارة السكنى: فلو استأجرت داراً سنة بعشرة آلاف ريال، ثم بعد شهر أو شهرين، أو بعد أن افترقتما مباشرة جئت وقلت: لا أريد، يلزمك أن تدفع الأجرة كاملة إذا لم يقبل منك الإقالة، فإذا كنت لا تستطيع أن تستأجرها فيمكن أن تقيم غيرك مقامك.

وهكذا الطبيب: فلو تعاقدت معه على أن يأتيك للكشف أو الفحص، فجاء الطبيب ومكنك من نفسه، وجلس ولم يكشف شيئاً ولم تأمره بالكشف حتى مضت المدة، يجب عليك أن تدفع الأجرة كاملة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:1] والإجارة عقد، والمسلم إذا اتفق مع أخيه المسلم على إجارة فليس من حقه أن يفسخها إلا برضا الطرف الثاني، فإذا لم يرض الطرف الثاني، فإن العقد لازم وعليه أن تتمه.

وهناك أحوال مستثناة للفسخ منها: - العجز الشرعي.

- العجز الحكمي.

فالعجز الشرعي مثلاً: لو استأجرت من مؤسسة سيارةً تذهب بك للحج، ولما تحركت السيارة تعطلت، وكان خروجك من المدينة في يوم عرفة، بحيث لا يمكنك أن تدرك الحج، فهذا التعطل يفسخ الإجارة؛ لأن المقصود منها الحج، فهذا يعتبر عجزاً شرعياً، وكأن المنفعة الشرعية التي تريدها ليست بموجودة وليست بمحصلة، وحينئذٍ من حقك أن تفسخ الإجارة، وتطالبه بدفع القيمة أو رد الأجرة كاملة إليك.

وهكذا بالنسبة للعجز الحكمي، فمثلاً: ما يقع في المستشفيات بأن يقع العقد بين المريض وبين المستشفى على إجراء عملية، فقبل أن يدخل المريض للعملية توفي، فالإجارة تمت والعقد تم، والأطباء مهيئون، لكن قبل الشروع توفي المريض، فحينئذٍ ليس من حق المستشفى أن يطالب الورثة بدفع القيمة؛ لأن هذا عجز، ولا يمكن للمستأجر بحال أن يتم العقد، كما أنه في العجز الشرعي لا يمكن أن يتم العقد بحال، كذلك أيضاً في العجز الصوري أو الحكمي.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015