وهناك من يرى أن القول قول البائع؛ لأنه لما بيع المبيع وأخذ المشتري الصفقة فإن المشتري يقول: قد كان، والبائع يقول: لم يكن، وقد قلنا: إن من ضوابط المدعي والمدعى عليه.
وقيل من يقول قد كان ادعى ولم يكن لمن عليه يدعى فيقولون: المشتري يقول: قد كان، والبائع يقول: لم يكن، فالبائع ينفي والمشتري يثبت، وحينئذٍ يطالب المشتري بالدليل على قدم العيب؛ لأن الأصل عدم وجود العيب، بدليل أن الصفقة تمت بينهما، ولا تتم في الغالب إلا وهي كاملة، فقالوا: الظاهر أن المبيع لم يكن به عيب.
وأياً ما كان فقول من قال: القول قول المشتري أقوى، لما ذكرنا؛ لأن أموال الناس لا تستباح إلا بوجه معتبر، والصفقة على هذا الوجه لم يثبت أنها كاملة، فيطالب البائع بدليل يدل على أن المبيع لم يكن معيباً أثناء العقد.
فقوله: (وإن اختلفا عند من حدث العيب فقول مشترٍ مع يمينه) هذه اليمين يسمونها (يمين التهم)، وتكون في المواطن التي تحصل فيها الريب كالشهادة على الوصية في السفر وفيها الأيمان، وهي أصل عند العلماء رحمهم الله في أيمان التهم، وبها يقول فقهاء المالكية، وكذلك الحنابلة والشافعية في مواضع يحكمون بها، وأيضاً فقهاء الحنفية رحمهم الله في بعض الصور ويسمونها يمين التهمة، فيقولون: يعتضد قول المشتري بيمينه، يقال للمشتري: احلف أن هذا العيب كان موجوداً أثناء العقد.