Q في الجعالة: لو اجتهد شخص في البحث عن المفقود وطلبه ولم يجده، فهل له أن يطلب مقابل جهده، أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم هناك فرق بين الجعالة وبين الإجارة، وهذا الفرق يتلخص في أن الجعالة لا تستحق إلا إذا أتم الشرط كاملاً، فلو قال لك: إذا أحضرت سيارتي فلك كذا؛ فإنك لا تستحق الجعل إلا بعد أن تحضر السيارة، قال تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف:72]، فإذا تحقق الشرط الذي من أجله وجدت الجعالة ألزم الشخص المالك بدفع ما اتفق عليه مع العامل.
أما في الإجارة: فإنها تتجزأ بأجزاء العمل، فلو أن عاملاً استأجرته شهراً، ثم في منتصف الشهر طرأ أمر لا يستطيع معه أن يتم الشهر، فحينئذٍ يستحق نصف القيمة المتفق عليها، وأما هل يقيم غيره مقامه؟ فهذه مسألة ستأتي إن شاء الله في الإجارة، وهو أنه إذا تم العقد، ولم يستطع طرف أن يمضي الإجارة لعذر شرعي أو عذر حسي، وسيأتي التفصيل في الأحوال التي لا يستطيع فيها أن يتم العقد -لكن أياً ما كان فالإجارة تتجزأ بأجزاء العمل.
ومن هنا: لو جئت تحفر بئراً فقلت لرجل: احفر لي كل متر بعشرة، فإنه إذا حفر لك مائة متر استحق ألف ريال؛ لكن لو قال لك: سأحفر لك بئر ماء هنا، فقلت له: إذا استخرجت لي بئر ماء هنا فلك عليَّ مائة ألف أو خمسون ألفاً، فحينئذٍ لو حفر مائة متر ولم يجد ماءً فإنه لا يستحق شيئاً، فهذا هو الفرق بين الجعالة وبين الإجارة.
فالإجارة تتجزأ بأجزاء العمل، والجعالة لا تتجزأ بأجزاء العمل ولا يستحق العامل فيها المال، أو لا يستحق الجعل إلا إذا أتم ما اشترط عليه، كإرجاع المسروق أو الشارد أو الإمساك بالعبد الآبق، ونحو ذلك مما تقع عليه الشروط في الجعالة.
والله تعالى أعلم.