Q متى يكون الشرط لاغياً والبيع صحيحاً؟ ومتى يكون الشرط لاغياً والبيع فاسداً، أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فالشرط الذي يفسد البيع هو الذي يتضمن غرراً يوجب بطلان البيع، وذلك كبيع الأشياء مشترطة بشروط تدخل الغرر عليها، مثلاً: لو قال: أنا أشتري منك البستان لكن بشرط أن تكون فيه ثمرة السنة القادمة، فأنا لا أضمن، ومسألة الثمرة ليست بيدي، أو اشترى منه الناقة أو الشاة واشترط أن تكون حاملاً السنة القادمة، فالحمل علمه عند الله سبحانه وتعالى، فهذه شروط يسمونها: شروط الغرر، وهي تستلزم فساد العقد كله؛ لأن العقد قام عليها وبني عليها، فكأنه اشترى من أجل هذه المنفعة المقصودة من المبيع، لكن هذه المنفعة المقصودة من البيع تارة تكون واضحة، فيشتري البعير بما فيه، أو الناقة بما فيها، أو البقرة بما فيها، أو الشاة بما فيها؛ لكن أن يشترط أن المزرعة تكون منها ثمرة السنة القادمة، فهذا ليس بوسع أحد، ولذلك ينص العلماء رحمهم الله على بطلان البيع وفساده؛ لأن هذا الشرط يوجب الغرر ولا يمكن أن تتم الصفقة إلا به؛ لأنه مركب عليه؛ لأن نفس الثمرة مقصودة، فلو قلت: نصحح البيع ونلغي الشرط ظلمت المشتري؛ لأن المشتري إنما أشترى من أجل الثمرة.
وأما الشرط الذي يصح معه البيع ويفسد الشرط، فهذا مثل الشرط الذي لا يكون في صلب العقد، أي: ليس بمؤثر في صلب العقد، فلا يتضمن غرراً ولا يتضمن رباً، ولا يئول إلى غرر ولا إلى ربا، فمثلاً: لو اشترط أن يكون الولاء له كما في حديث عائشة رضي الله عنها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قضاء الله أوثق، وشرط الله أحق، إنما الولاء لمن أعتق) فصحح البيع وألغى الشرط، مع أن أهل بريرة باعوها بشرط أن يكون الولاء لهم.
ولذلك لابد من معرفة طبيعة الشرط، فما كان منها مبنياً على الثمرة المقصودة من العقد، فمن الظلم أن نصحح العقد فنلزم المشتري بشيء لم يرده ولم يقصده، وفي هذه الحالة نبطل البيع فنرد الثمن للمشتري ونرد المثمن للبائع إنصافاً ورداً للحقوق إلى أصحابها، والله تعالى أعلم.