حكم التأجير المنتهي بالتمليك

Q ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك، أثابكم الله؟

صلى الله عليه وسلم التأجير المنتهي بالتمليك من بيوع الغرر التي لا تجوز شرعاً؛ والسبب في هذا: أنه يقول لك: خذ هذه السيارة واستأجرها كل شهر بمائة أو بألف، فإذا استأجرتها عشرة شهور تدفع خمسة آلاف وتملكها؛ فأدخل عقدين في عقد واحد، أو صفقتين في صفقة واحدة، وهذا كالبيعتين في بيعة، وهذا منهي عنه لوجود الغرر في تداخل العقود، فلا هو بيع محض ولا هو إجارة محضة، فقد يشتري السلعة بقصد البيع فيكره على الإجارة، وقد يريدها إجارة ويكره على البيع بعدها، فتداخل العقود من هذا الوجه موجب للغرر، وهذا بسيط ويسير؛ لكن الأدهى والأمر أنه إذا استأجرها اختلف حالها حينما أخذها عن حالها بعد عشرة أشهر، ولا ندري بعد عشرة أشهر هل يتعطل فيها شيء؟ وهل تكون صفتها على الصفة الموجودة؟ ولا شك أن استنفاد الشيء خلال عشرة أشهر أو حتى شهر لا ندري كيف يكون حاله بعد ذلك، فيكون من بيع مجهول الحال، وعليه لا يصح البيع من كلا الوجهين ويعتبر من البيوع المحرمة، وهذه كلها بيوع دخيلة على المسلمين، والمسلمون إما أن يبيعوا وإما أن يؤجروا، والإجارة لها أحكامها والبيع له أحكامه، ولا يختل المشتري ترغيباً في عقد على عقد، ولذلك قالوا: من البيوع المحرمة: أن يقول له: أبيعك داري على أن تبيعني سيارتك، فكأنه يقول: أؤجرها لك على أن تشتريها، وكأن ذاك يقول: أشتريها منك على أن تؤجرها لي، وهذا من تداخل العقود، مع ما فيه مما قلناه من الغرر، وقد قلنا: لا يجوز بيع الجنين في بطن أمه، ولو ضمنا أن الجنين حي موجود الآن هل نضمن أن يخرج من بطن أمه حياً؟ لا نضمن، ولذلك تجد العلماء يقولون: تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيع الأجنة في حديث ابن عمر في الصحيح: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة) سببه الجهالة بالسلامة، والجهالة بالسلامة أي: أننا نجهل أن يسلم بعد خروجه من بطن أمه، كذلك السيارة مجهولة السلامة بعد إجارتها المدة المذكورة، فمثلاً: لو أنه خلال العشرة الأشهر حصل عليه حادث، أو تعطل جهازها الذي يتحكم في سرعتها ويتحكم في سيرها، ما الحكم؟ يقول لك: أعطيك جهازاً جديداً، فلا ترغب وتقول: أنا كنت آملاً أن تبقى على حالتها السابقة، وقد يأتي بعد عشرة أشهر وينظر إليها فإذا حالها مختلف، فيكون البيع حينئذٍ متردداً قد ينعقد وقد لا ينعقد، فأصبحت عقود مترددة، والبيع إذا وقع يتم ولا يصبح متردداً.

إذاً فيه جهالة الحال، وفيه الجمع بين العقود على وجه التردد، وكذلك أيضاً فيه أن البيع ماض وغير ماضٍ.

فمتى انعقد البيع؟ انعقد البيع أثناء الصفقة، ومع ذلك لا ندري هل المستأجر يتم الصفقة أو لا يتم؟ يقول: لا ألزمك بالبيع، إن شئت تشتريها، وإن شئت لا تشتريها فلا يلزمك، إذاً: البيع متردد أم لا؟ متردد، وعلى هذا لا يصح مثل هذه العقود؛ لمكان التداخل، ووجود الجهالة من الوجوه التي ذكرنا.

والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015