إذاً: الزيوت المستخلصة من الميتة نجسة، لكن يبقى الكلام عن مسألة عارضة الآن يكثر الكلام حولها، وهي: مسألة الزيوت البترولية، وما يشتق من البترول، والسبب الذي جعل بعض طلاب العلم تلتبس عليه هذه المسألة: أنهم كانوا يقولون: إن أصل البترول من الحيوانات القديمة التي ماتت ثم ضغطت بين أطباق الأرض، ثم مع فعل الحرارة وسخونة الأرض تحولت إلى بترول، وهذا القول أنبه على أنه قول أهل الطبيعة الذين لا يؤمنون بوجود الله جل جلاله، كما أخبر الله عز وجل أن الإنسان كفور مبين، وكفره من أكفر ما يكون -نسأل الله السلامة والعافية- فالله تعالى يغدق عليه ويسكن له كنوز الأرض في الأرض، ويعطيها له سهلةً ميسرة ليقول: لا إله إلاّ الله، وليقول: الحمد لله، لكنه يقول: لا، منذ ألف مليون سنة كان يوجد حيوان اسمه (الديناصور)! ألف مليون سنة متى كانت؟! لا يوجد أكذب من الكافر إذا كذب على ربه؛ لأنه كفر بالله فطمس الله على قلبه وعلى بصيرته، ثم هذا (الديناصور) ما لقي أن يتوفى وأن يموت إلاَّ داخل المحيط! وممكن أن تقبل أنه توفي على وجه الأرض؛ لكن ما الذي ذهب به إلى أعماق المحيطات حتى يوجد البترول في أعماق المحيطات -تكذيباً لهم -؟ فهم لا يريدون أن يقولوا: إن الله هو الذي أوجده، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن في الأرض كنوزاً، وأن الله قدر في الأرض أقواتها منذ أن خلقها، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من علامات الساعة أن تخرج الأرض كنوزها)، وهذا يدل على أن الله أوجدها فيها، فنحن لا نقول بما يقوله الكفار، ولكن نقول: إن الذي أوجده هو الله، وهو نعمة من الله سبحانه وتعالى، والله على كل شيء قدير، ولو كان الأمر كما ذكروا وكما زعموا، فإن هذه المقابر الموجودة منذ سنوات عديدة مديدة ما وجدنا تحتها البترول، ولا وجدنا أنها تتحول إلى زيوت ولا إلى طبقات معينة من الأرض، لكن -كما ذكرنا- هو كفرٌ بالله وعدم تسليم بوحدانيته عز وجل، فيردون كل شيء إلى الطبيعة: وهو أن الأشياء وجدت صدفة! وأن الإنسان ينظر إلى هذه الأشياء على أنها أشياء طبيعية.
ومن أجل ذلك نشأ عند البعض شعور بأنه ما دام أن (الديناصور) قد مات فيعتبر ميتة، وشحم الميتة نجس، فمعنى ذلك: أن البترول نجس، وأن كل ما يتولد من البترول نجس، وهذا خطأ، فإن البترول طاهر، وجميع ما يُشتق منه طاهر، سواءٌ كان زيتاً أو كان بنزيناً أو غير ذلك من المشتقات، فهي كلها طاهرة؛ لأن الأصل أنها طاهرة، وليس هناك دليل يدل على نجاستها.
وبناءً على هذا: فلا يدخل في مسألة الزيوت النجسة والمتنجسة ما يشتق من البترول، فهو ليس بنجس ولا متنجس، وبيعه جائز وحلال، وهو مما سخره الله لابن آدم لينتفع ويرتفق به، والحمد لله على فضله، وله الشكر على نعمه، لا نحصي ثناءً عليه، جلَّ جلاله وتقدست أسماؤه، وتعالى الله عما يقول الكافرون علواً عظيماً.