هناك طريقتان للتذكية الشرعية، والحيوان ينقسم إلى قسمين: إما أن يكون مستأنساً، وإما أن يكون متوحشاً.
أما الحيوان المستأنس فكالإبل والبقر والغنم والطيور إذا أمسكتها، والدجاج الداجن، فهذه الحيوانات لها تذكية معينة، وهناك نوع ثان من التذكية الشرعية للحيوان الذي لا تقدر على إمساكه وأحلّ الله لك أكل لحمه، كالطير في الهواء، والوعل والظبي والغزال والريم ونحوها من صيد البر، فهذا النوع من الحيوانات له تذكية ثانية، ومن ثم اصطلح أهل العلم على تسمية الأول: بالمستأنس؛ لأنه يأنس بك وتأنس به، ولذلك فإن الشاة إذا جئت لتذبحها تكون في متناول يدك، وأما الحيوان الذي لا تستطيع إمساكه إلا بالغلبة وبالحيلة والقهر -وهو الصيد- فله تذكية خاصة؛ وذلك بأن ترميه بالسلاح في أي موضع من بدنه وتعقره، فإذا عقرته وأهلكته بهذه الرمية أو الطلقة من سلاحك فإنه حينئذٍ يكون حلالاً لك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أنهر الدم وذكرت اسم الله عليه فكلْ)، وقال له عدي: (يا رسول الله! إني أصيد بكلبي المعلم وبكلبي غير المعلم، وبهذه الباز، فما يحل لي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما صدت بكلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكلْ)، فجعل للصيد رخصة، وسنتكلم -إن شاء الله- عن مباحث ومسائل الصيد، وكيفية التذكية في هذا النوع الذي رخص الشرع فيه في باب أحكام الصيد، لكننا سنتكلم هنا عن كيفية هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحيوان المستأنس الذي يضحي به الإنسان من الإبل والبقر والغنم.
فالحيوان المستأنس من الإبل والبقر والغنم تنقسم تذكيته الشرعية إلى قسمين: فإما أن تذكيه بالنحر، وإما أن تذكيه بالذبح.
فأما النحر: فهو أن تطعن البعير في الوهدة التي في أسفل عنقه عند التقائه بالصدر -تسمى في اللغة الوهدة- فتطعن بالسكين أو الخنجر أو نحوه من السلاح الذي ينهر الدم، وهذا يسمى: نحر.
وأما الذبح فإنه يكون بإضجاع البهيمة على جنبها ثم ذبحها، وذلك بإنهار دمها من جهة عنقها، ويكون ذلك بقطع المريء والحلقوم وأحد الودجين، وهما العرقان اللذان في الرقبة.