الركن الثاني: الوقوف بعرفة حكمه وأهميته

قال المصنف: [والوقوف] الركن الثاني: الوقوف بعرفة، الوقوف المراد به أن يمكث الإنسان بجسمه في عرفة، وليس المراد به صورة الوقوف، فلو كان الإنسان مشلولاً، أو كان صبياً محمولاً، وأدخل إلى حدود عرفة، ولو لحظة من ليل أو نهار، في يومه المعتبر وليلته المعتبرة، فإنه يحكم بكونه قد وقف بعرفة، أما دليل ركنية الوقوف بعرفة فقوله عليه الصلاة والسلام: (الحج عرفة)، وقوله في الحديث الصحيح من حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا، وكان قد أتى عرفات أي ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه) فجعل اعتبار الحج والاعتداد به موقوفاً على الوقوف بعرفة، وهو قضاء الصحابة رضوان الله عليهم أنهم أفتوا وقضوا: بأن من فاته الوقوف بعرفة فقد فاته الحج، قضى في ذلك أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين: عمر بن الخطاب، فقد جاء هبار بن الأسود رحمه الله إلى عمر بعد يوم عرفة وقال: يا أمير المؤمنين! إني كنت أظن اليوم -أي: يوم العيد الذي هو يوم النحر- يوم عرفة فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ابق كما أنت، ثم انطلق إلى البيت وطف به واسع وتحلل به بعمرة، ثم إذا كان من العام القادم فاقض حجك وأهد للبيت.

فأمره أن يتحلل بالعمرة ولم يأمره أن يتم مناسك الحج، وهذا هو قضاؤه رضي الله عنه.

وأجمع العلماء رحمهم الله على أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (الحج عرفة) قالوا: إنه الركن الأعظم الذي يفوت الحج بفواته، فمن لم يدرك الوقوف بعرفة فإنه لم يدرك حجه؛ وذلك لصراحة النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015