Q من رمى جمرة العقبة قبل طلوع الفجر بلا عذر، فهل يمكنه أن يستدرك بأن يرمي بعد طلوع الشمس مرة ثانية، أم أن الإخلال وقع بالرمي الأول ولا عبرة بالرمي الثاني، أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فمذهب جمهور العلماء: أن الرمي يمكن فيه التدارك ما دام الوقت باقياً، فإذا رمى قبل الفجر فعلى القول بأنه لابد وأن يقع رميه بعد الفجر، فإنهم ينصون على أنه لو رمى قبل مغيب شمس يوم النحر، أو قبل طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر، على الوجهين المعروفين في تأقيت الرمي أنه يجزيه ولا شيء عليه، وقد يقول قائل: ما الفرق بين مسألتنا ومسألة الإحرام دون الميقات أننا قلنا: إنه يلزمه دم حتى ولو رجع؟ والجواب: أنه هنا إذا رمى قبل الفجر فإن رميه الأول لاغٍ ولا يعتد ولا ينعقد؛ لأنه عند أصحاب هذا القول وقع قبل الوقت المعتد به، كما لو صلى الظهر قبل الزوال، فلا يعتد ولا ينعقد، وإنما يلزم لو أنه انعقد في وقت لا يختص إلا بمعذور وهو غير معذور، فيستقيم أن يلزمه الدم أو الضمان، ولكن نظراً لكونه رمى قبل الوقت فإن رميه وجوده وعدمه على حد سواء، ويلزمه حينئذٍ أن يعيد الرمي على القول بالتأقيت بالفجر أو بطلوع الشمس، ثم إذا رمى ما بين وقت طلوع الشمس، أو طلوع الفجر وغروب الشمس أو طلوع الفجر من اليوم الثاني فإنه يجزيه ولا شيء عليه؛ لأن الإخلال لم يتحقق، إنما يتحقق إخلاله لو أنه اكتفى بالرمي الأول ولم يعده حتى مضى وقت الرمي المعتد به شرعاً، فحينئذٍ يلزمه الضمان؛ لعدم وقوع الرمي المأمور به.
والله تعالى أعلم.