قال المصنف رحمه الله: [ويرمي بعد طلوع الشمس، ويجزئ بعد نصف الليل].
قوله: (ويرمي بعد طلوع الشمس)؛ لأنه هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الأكمل والأفضل، خرج عليه الصلاة والسلام من مزدلفة إلى منى، فما وصل جمرة العقبة إلا وقد طلعت الشمس، فرماها عليه الصلاة والسلام وحيا برميه منى.
قوله: (ويجزئ بعد نصف الليل) وهي مسألة خلافية بين العلماء رحمة الله عليهم: فمن أهل العلم من يرى أنه يجوز الرمي بعد نصف الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة بعد نصف الليل، فدل على أن وقت الرمي يبتدئ من بعد منتصف الليل.
وقال بعض العلماء: إنه لا يجزئ الرمي بعد طلوع الفجر.
ومنهم من يقول: لا يجزئ الرمي إلا بعد طلوع الشمس، وإنما يرخص للحطمة والضعفة أن يرموا مبكرين، واحتجوا بما جاء في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لحق أصحابه وقال: (لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) وفي رواية: (حتى يطلع الفجر) وهذا القول، أعني: أن يتأخر فلا يرمي قبل طلوع الفجر هو أقوى الأقوال، وهو أحوطها؛ لأن مجرد الإذن بعد منتصف الليل لا يستلزم أن يكون هناك رمي في هذا الوقت؛ لأنه سيأخذ مسافة، خاصة الحطمة والضعفة، إذا قدر مضيهم من مزدلفة إلى منى مع الثقل وكبر السن، ويكون الضعفة وصغار الأطفال معهم، فالغالب أنهم لا يصلون إلى وقت الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أذن بعد مغيب القمر، وما بين مغيب القمر وطلوع الفجر في ليلة العيد وقت يتسع إلى أن يكون وصولهم قرب طلوع الفجر كما لا يخفى، خاصة إذا كانوا من الحطمة وضعفة السن فإنهم يتأخرون في مضيهم.