قال رحمه الله تعالى: [يرمل الآفاقي في هذا الطواف ثلاثاً ثم يمشي أربعاً].
أي: يرمل الآفاقي في هذا الطواف ثلاثاً، لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم خبَّ الأشواط الثلاثة الأول، ومشى باقي الطواف)، وهذه -كما قلنا- سنة الرَّمَل، والرمل للعلماء فيه قولان: القول الأول: قال بعض العلماء: هو تقارب الخطى مع هز المناكب.
والقول الثاني: أن يباعد في الخطى ولا يصل إلى درجة السعي، ولا يهز منكبه.
وظاهر قولهم: (إنهم ينقزون نقز الظباء) -كما جاء في السير- أن هز المنكب فيه أوجَه، وهو أقوى وأدل على القوة والجلد، وكان المقصود من الرمل إظهار القوة والجلد، والسنة -كما ذكرنا- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رمل الثلاثة الأشواط الأولى في عمرة القضاء أو القضية والتي كانت بعد عام من الحديبية، فلما فتح الله عليه مكة، وجاء بعد فتحها في عمرة الجعرانة منصرفه من غنائم الطائف، اعتمر من الجعرانه صلوات الله وسلامه عليه، فخبَّ الأشواط الثلاثة كاملة، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وأرضاهما، فقال العلماء: إنه لما شُرع الرمل في أول الأمر كان يمشي بين الركنين -بين الركن اليماني والحجر-، ولكن بعد أن زال السبب رمل الأشواط الثلاثة كاملة، ولذلك قال: (من الحجر إلى الحجر)، أي: أن رمله كان كاملاً صلوات الله وسلامه عليه.
فيرمل الثلاثة الأشواط الأولى متتابعة، ولا يمشي بين الركنين، وهذا هو أصح القولين، أن المشي بين الركنين منسوخ، وأن السنة إذا رمل أن يستتم الرمل للثلاثة الأشواط كاملة، فإذا فعل ذلك فهي السنة، وهذه الثلاثة الأشواط يصحبها الاضطباع كما ذكرناه.
قوله: [ثم يمشي أربعاً].
وهي الأربعة الأشواط المتبقية.