Q إذا استوحش الحمار الأهلي فهل يأخذ حكم الحمار الوحشي؟
صلى الله عليه وسلم لا يحلّ أكل الحمار الأهلي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنها رجس)، فهي رجس إلى يوم القيامة، استوحشت أو لم تستوحش وهذا السؤال يتركب على مسألة خلافية أخرى، تعرفون أن الإبل والبقر والغنم في الأصل تكون مستأنسة؛ لكن ربما شردت الشاة منك، وربما شرد البعير منك، وربما شردت البقرة، فحينئذٍ يقول العلماء: خرج المستأنس إلى المتوحش، فيجوز لك أن ترميه بالسلاح في أي موضع، فلو شردت الشاة فأخذت -مثلاً- السلاح ورميتها به في أي موضع -وأنت لا تستطيع إدراكها- فقتلتها، فيجوز لك أكلها، مع أن الأصل أنه لا يجوز؛ لأن الواجب أن تذكى ذكاة المستأنس؛ لكنها لما خرجت من صورة الاستئناس إلى الاستيحاش عوملت معاملة المستوحش؛ والدليل حديث رافع رضي الله عنه عندما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فند بعير -يعني: فر- فأهوى رجل بسهم فعقره، فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (إن لهذه الحيوانات -يعني: المستأنسة من الإبل والبقر والغنم والبهائم- أوابد كأوابد الوحش، فما ندّ منها فاصنعوا به هكذا)، فدل على أنه يجوز عقره.
ومن أمثلة ذلك: لو سقطت الشاة في البئر، فأنت لا تستطيع أن تمسكها، فحينئذٍ ترمي بالسلاح الذي يجرحها في أي موضع من جسدها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلْ)، فترميها بالسلاح في أي موضع، فإذا رميتها في أي موضع وماتت قبل أن تصل الماء أو قبل أن تصل إلى قعر البئر إذا كان أرضاً فحينئذٍ يحل لك أكلها؛ لأنها ذكيت ذكاة الصيد.
فقياساً على هذه المسألة ظن أن الحمار -أكرمكم الله- إذا استوحش يجوز أن يعامل معاملة الصيد، وأنه يجوز رميه في أي مكان ويؤكل، ولكن نقول: إن المستأنس حلال اللحم في الأصل، ولكن الحمار -أكرمكم الله- في الأصل محرم لحمه؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إنها رجس) يعني: في لحوم الحمر الأهلية، وعلى هذا لو استوحش ما يؤثر، فالاستيحاش صفة عارضة لا توجب زوال الأصل بالحرمة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله.