Q هل الأفضل صيام الست من شوال متفرقة أم متتابعة؟
صلى الله عليه وسلم الأمر واسع؛ ولكن تتابعها من باب المبادرة إلى الخير أفضل وأكمل ما لم يُعْتَقد في الأيام المتتابعة، ولذلك شدد الإمام مالك رحمة الله عليه في صيام الست؛ لأن الناس صاروا يصومونها من اليوم الثاني من الفطر، فخشي أن يُزاد في العبادة ما ليس منها؛ لأن من قواعد مذهبه رحمة الله عليه -وكان يشدد في هذا حيطةً للدين وصيانةً له من البدع والأهواء- أنه كان يمنع من صيام الست، ومراده من ذلك أن لا يعتقد أنها من رمضان؛ لأن الناس بالغوا فيها، فكان الرجل بمجرد فطره يصوم في اليوم الثاني، وقد يفوت زيارته للناس، وحصول الأنس بإصابة شرابهم وطعامهم في أيام العيد، فشدَّد من هذا الوجه، وكانت النصارى تزيد في أعداد الأيام المفروضة عليهم، ولذلك ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك) لئلا يُعتَقد أنه من رمضان فيُزاد في عدده، ولذلك شدد الإمام مالك فيما بعد رمضان إعمالاً لهذا الأصل، وهو خوف اعتقاد الوجوب، وأنها من رمضان، وقد كانوا يقولون: أتممتَ رمضان أو لم تتمَّه؟ ومقصودُهم: أتممت العدد ستاً وثلاثين حتى يُكتب الصيام بعدد أيام العام أو لم تتمه؟ فصارت الست كأنها من رمضان، وكأنها من تمام العدة، فاحتاط رحمه الله لذلك سداً للذريعة.
والله تعالى أعلم.