قال رحمه الله: [إلا المرأة ففي كل مسجد سوى مسجد بيتها].
إلا المرأة فإنه يجوز لها أن تعتكف في كل مسجد، والأصل في جواز الاعتكاف للنساء: أن الله تعالى عمم في قوله سبحانه: (وَالْعَاكِفِينَ) فشمل هذا الرجال والنساء.
وكذلك السُّنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه أقر نساءه على الاعتكاف معه صلوات الله وسلامه عليه، وإنما عاتبهن في الغيرة ومنافسة بعضهن لبعض وقال: (آلبر أردتن) وهذا يدل على مشروعية اعتكاف المرأة، ولكن بشرط أن لا يكون في النية دخن، كأن يكون ذلك على سبيل المضارة، كأن يكون بين الضرتين كما وقع لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن.
واعتكاف المرأة جائز؛ لكن بشرط: ألا يؤدي إلى المحاذير الشرعية كمخالطة الرجال، وكذلك أيضاً وقوع الفتنة والمحظور.
والأفضل للمرأة أن تلزم بيتها كما قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33]، والأفضل أن تصلي في مسجدها في بيتها وفي مخدعها، فهذا أفضل لها وأكمل وأفضل لغيرها؛ لأن الخير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال، وكلما سُتِرَ النساء عن الرجال، كلما كان ذلك أحفظ لدين الرجال وأحفظ لدين النساء، فما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بعده فتنة أضر على الرجال من فتنة النساء، ولذلك الأفضل للمرأة أن تلزم بيتها.
فإن أحبت أن تعتكف فلا حرج، لكن بشرط: أن لا يؤدي اعتكافها إلى فوات الحقوق الواجبة عليها، فإن كان هناك حق لزوج فإنها لا تعتكف، وإنما تؤدي حق زوجها؛ لأن الله فرض عليها القيام بحقه، ولا يعقل أن تنصرف من الواجب إلى النفل، فالله يُتَقَّربُ إليه بما افترض، وإذا نوت المرأة في نفسها أنه لولا شغل زوجها لاعتكفت كتب الله أجرها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن بالمدينة رجالاً ما سلكتم شعباً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم شركوكم الأجر.
قالوا: يا رسول الله! كيف وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر).
فالمرأة التي يحبسها عذر زوجها والقيام بحقوق زوجها أجرها كامل، وهكذا لو حبسها تربيتها لأطفالها، وقيامها بحقوق أطفالها؛ فإن أجرها كامل، فكم من متمن للخير يبلغه الله درجته! ولعل الله لحكمة صرف المرأة عن شهود المساجد حتى تنصرف عن الفتنة، ويكتب لها الأجر بالنية.
فلا يجوز للمرأة أن تخرج للاعتكاف وتضيع حقوق أولادها أو حقوق زوجها، فلا شك أنها مطالبة بالحقوق المفروضة قبل القيام بالنوافل والمستحبات.