قال رحمه الله: [ويصح بلا صوم].
أي: ويصح الاعتكاف بلا صوم، وهذا له صور: الصورة الأولى: أن تعتكف في الليل مجرداً عن النهار، وقد ثبت بذلك الحديث الصحيح عن عمر رضي الله عنه كما في الصحيح لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نذر أن يعتكف ليلة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يوفي بنذره، فدل هذا على مسألتين: المسألة الأولى: أن الاعتكاف لا يشترط له الصوم، وهذا هو أصح قولي العلماء، خلافاً للحنفية والمالكية رحمة الله عليهم الذين يقولون باشتراط الصوم لصحة الاعتكاف.
والأمر الثاني: أنه يجوز أن تعتكف أجزاء النهار؛ لأنه إذا لم يشترط الصوم فإنه يجوز لك أن تعتكف أجزاء النهار؛ لأن الليل جزء من اليوم، فدل على جواز اعتكاف جزء من اليوم، سواء كان ليلة كاملة أو كان نهاراً كاملاً أو كان ساعة كاملة، بل قال العلماء: لو أن إنساناً دخل الفريضة فنوى أن يعتكف مدة جلوسه في المسجد فإنه معتكف، ويكون له فضل الاعتكاف إذا نوى ذلك؛ وذلك لإطلاق الكتاب والسُّنة.
والأفضل والأكمل: التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم بالاعتكاف الكامل خاصةً في العشر الأواخر.