قال رحمه الله: [وقول ما ورد].
(وقول ما ورد) أي: يسن أن يقول ما ورد: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) وأما الحديث (اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا) فإنه ضعيف، وإنما يدعو الإنسان بما تيسر وليس في ذلك توقيف؛ ولكن الهدي على أنه إذا انتهى الإنسان من العبادة يرجى له القبول؛ وإذا انتهى من الصلاة قبل أن يسلم شرع له الدعاء، قال صلى الله عليه وسلم (ثم ليتخير من المسألة ما شاء) وجعل هذا الموضع موضع مظان الإجابة، كما قال عليه الصلاة والسلام لما سئل عن مواضع الإجابة: (أي الدعاء أسمع؟ قال: أدبار الصلوات المكتوبات) قيل: أدبار الصلوات المكتوبات، يعني: عند آخر الصلاة، فهذا من مواضع الإجابة، وبعد الصلاة الزكاة، ولذلك قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة:103] فإذا أدى الزكاة دعا له النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكلما انتهى من الفريضة وقام بحق الله كأن الله سبحانه وتعالى يرحمه، ويكون ذلك عاجل المكافأة له في الدنيا.
وفي الصيام إذا انتهى من صيامه رجي له القبول، وفي الحج تجده إذا انتهى من موقفه بعرفة، وأصبح في يوم العيد الذي هو تمام عشية عرفة، يصلي صلاة الصبح ثم يقف عليه الصلاة والسلام بالمشعر ويدعو.
قال بعض السلف: شهدت هذا الموضع ستين عاماً أسأل الله أن لا يجعله آخر العهد به فيردني الله إليه، وإني لأستحيي أن أسأله، فرجع فمات من عامه.
وورد مثله عن الثوري رحمه الله.
المقصود: أنهم يقولون: إن انتهاء الإنسان من الطاعة والقربة مظنة الإجابة، ولذلك يقولون في الصيام: إذا انتهى من أداء صيامه يدعو وليس فيه توقيت، يعني: ليس هناك لفظ معين يحد به، وإنما يدعو بما تيسر.