فقال رحمه الله: (ومن جامع في نهار رمضان في قبل أو دبر).
هذا الفصل خصه المصنف رحمه الله بالإخلال بالصوم من طريق الشهوة، وابتدأ بالشهوة الكبرى لورود النص بالعقوبة فيها، ثم تدرج بعد ذلك إلى المسائل المتفرعة على الجماع في نهار رمضان.
أما بالنسبة لقوله: (ومن جامع) فلا يتحقق الجماع إلا بإيلاج القبل، والعبرة بالحشفة -وهي رأس الذكر- وقد فرع العلماء رحمهم الله على إيلاجها أكثر من ثمانين حكماً، ومنها وجوب الكفارة على من جامع في نهار رمضان، وذلك بتحقق الإيلاج بالصورة التي ذكرناها.
فقوله رحمه الله: (ومن جامع) سواءً كان جماعه لزوجته الجماع المأذون به شرعاً في الأصل، أو المحرم في الزمان في نهار رمضان، أو كان جماعه وطأً لشبهة كأن يجامع امرأة يظنها زوجته أو يظنها سريّته، أو يكون جماعه بالحرام -والعياذ بالله- كالزنا.
فإن وقع الجماع في مأذون به شرعاً كزوجته، أو معذور به شرعاً من حيث وجود الشبهة كوطء من ظنها زوجة له، فيترتب الحكم بالقضاء إجماعاً، وكذلك بالكفارة.
وأما بالنسبة للزنا -والعياذ بالله- فقد اجتمعت فيه موبقات: أولها: كونه أخل بهذا الركن من أركان الإسلام، وهو: صومه الذي فرضه الله عليه.
الموبقة الثانية: كونه زنى والعياذ بالله.
فيكون هناك عدة إخلالات: أولها: تعمده للفطر، ووقوع الفطر بأشنع صوره وهو الجماع.
وثانياً: كونه والعياذ بالله حرام.
وكذلك الحال لو وقع الوطأ في الدبر، فيستوي الجماع في القبل أن تكون المرأة حية أو ميتة، وهذا قول جماهير العلماء رحمة الله عليهم: أنه لو حصل الإيلاج بامرأة وهي ميتة فإنه يحكم بكونه مجامعاً إعمالاً للصورة، كما لو جامعها وهي نائمة أو مجنونة، ولذلك يجب عليه القضاء والكفارة، وهكذا بالنسبة لوطء الدبر؛ فإنه يوجب القضاء والكفارة والحد الشرعي على الأصل الذي هو مقرر شرعاً في باب الجنايات كما سيأتي إن شاء الله تعالى.