وقوله: [ولو نوى إن كان غداً من رمضان فهو فرضي لم يجزئه].
هذه مسألة من مسائل النية، فالنية واجبة، ويشترط فيها التعيين، ويشترط فيها الوقت والزمان، على حسب تفصيل العلماء، فمن لا يشترط أن تكون في النصف الثاني من الليل يقول: أن تكون بالليل، بغض النظر عن كونها في النصف الأول أو الثاني، فهذا يسمى شرط الزمان.
وهناك شرط وهو: الجزم.
والجزم: ألا تكون النية مترددة، كأن يقول في ليلة الثلاثين من شعبان: إن كان غداً من رمضان فإنني قد نويت أن أصومه، وإذا لم يكن رمضان فإنها نافلة، أي: يقول في نفسه وقرارة قلبه: سأصبح صائماً؛ فإن كان هذا اليوم من رمضان فهذا فرضي، وإن كان من غير رمضان فهو نافلة وقربة لله سبحانه وتعالى.
فهذه نية مترددة، والشك والتردد في النية يبطلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات).
والأصل في النية أن تكون بالجزم، لأن الشخص إذا تردد في نيته لم ينو ولم تثبت، وعلى هذا ليس بناوٍ للفرض ولا للنافلة؛ فلو أصبح واليوم من رمضان فإن نيته بالليل لم تتمحض لرمضان، ولو أصبح واليوم من غير رمضان فإنه يصح نافلة عند من يقول بجواز صوم يوم الشك، وقد بينا أنه لا يجوز ذلك.
فالمقصود: أن التردد في النية يبطلها، وعلى هذا: لو سألك سائل وقال: لما كانت ليلة الثلاثين بيتُّ النية بالليل لصيام الثلاثين، وقلت في نفسي: إن كان من رمضان فهذا فرضي، وإذا كان من شعبان فهو نافلة وقربة لربي، قال: فأصبحت فإذا باليوم من رمضان، هل صومي صحيح؟ تقول: يلزمك القضاء؛ لأن النية شرط في صحة الصوم؛ لدلالة الكتاب والسُّنة، وثانياً: أن نيتك لم تقع على الوجه المعتبر شرعاً فكأنك لم تنو؛ لأن التردد في النية يبطلها.