وقوله: (ومواليهما): يعني: موالي بني هاشم وموالي بني المطلب.
المولى: هو العتيق، يكون عند الإنسان عبد ثم يعتقه، فإذا أعتقه فإنه يكون مولى له، وحينئذٍ يقال: مولى بني فلان، وينسب ويقال: الهاشمي مولاهم، يعني نسبته إلى بني هاشم من جهة الولاء.
وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم هذا الولاء، وقال: (قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)، فأخبر أن الولاء لمن أعتق، فإذا أعتق الهاشمي عبداً فإنه يعتبر مولىً لبني هاشم، ولو أعتق المطَّلبي عبداً فإنه يعتبر مولىً لبني المطّلب، وحينئذٍ فهؤلاء الموالي الذين أصلهم عبيد يعتبرون آخذين لحكم أسيادهم الذين أعتقوهم، فتحرُم عليهم الصدقة سواءً كانت فريضة أو كانت نافلة على الصحيح.
والدليل على ذلك: أن أبا رافع وكان مولىً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصل ولايته لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة فتح الطائف حينما حاصرها عليه الصلاة والسلام، فنزل رضي الله عنه وأرضاه، ثم أعتقه فكان مولىً للنبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى أبي رافع رجلٌ من بني مخزوم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد استعمل هذا الرجل المخزومي على الصدقة، فقال الرجل المخزومي لـ أبي رافع: اصحبني كيما تصيب مما أصيب، يعني حتى يكون لك شيءٌ مما آخذه في عمالتي على الزكاة، فقال أبو رافع: لا، حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرّم عليه ذلك وقال: (إن مولى القوم منهم).
فهذا نصٌ صحيح صريح يدل على أن موالي آل البيت لا يجوز صرف الزكاة إليهم، ولا يحل أخذهم لهذه الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مولى القوم منهم).
ولما ثبت في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (الولاء لحمة كلحمة النسب)، فجعل الولاء لحمة كلحمة النسب، فلما كان آل بني هاشم يحرم عليهم بالانتساب للبيت فكذلك مواليهم يعتبرون منتسبين للبيت من جهة الولاء، فلا يجوز دفع الزكاة إليهم.
هذا على القول الراجح وهو قول الجماهير؛ لأن بعض المالكية وبعض الحنفية يجيز دفع الصدقة للموالي، وهذا القول يعتبر مرجوحاً، ويعتذر لأصحاب مالك رحمة الله عليهم الذين يقولون بجواز دفعها للمولى بأنه ربما لم يطّلعوا على الحديث الذي دلّ على التحريم، وإلا فالأصل أن الحديث إذا استبانت حجّته للفقيه لم يجز له أن يخالفه.
وعلى هذا فإنه لا يجوز دفع الصدقة إلى موالي بني هاشم وبني المطلب، وهذا هو أصح أقوال العلماء رحمة الله عليهم.