بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: قال المصنف رحمه الله: [فصل: ولا تدفع إلى هاشمي ومطّلبي ومواليهما].
فبعد أن بيّن المصنف رحمه الله الأصناف الثمانية الذين سمّى الله في كتابه، وأمرنا بدفع الزكاة إليهم، شرع في بيان هذا الفصل المهم، والذي يتعلّق بالصفات التي تمنع استحقاف أخذ الزكاة، فهذه الأوصاف التي سيذكرها المصنف رحمه الله تعتبر مانعة من أخذ الإنسان للزكاة ولو كانت فيه صفة من صفات أهل الزكاة، كأن يكون فقيراً أو مسكيناً، فإذا وُجد فيه مانع من هذه الموانع فإنه لا تُصرف الزكاة إليه.
ولما قال المصنف رحمه الله: (ولا تدفع) لا نافية، أي: لا يجوز دفعها لهاشمي، وفيه مسائل: المسألة الأولى: أنه لا يجوز الدفع إلى هؤلاء الذين سيذكرهم رحمة الله عليه، ويكون هذا دالاً على تحريم الدفع، فمن كان يعلم أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى هاشمي فدفعها للهاشمي، فإنه يأثم.
المسألة الثانية: أنه لما قال: أنها إذا دُفعت وعلم الإنسان أنه تحرُم الصدقة والزكاة على هذا النوع، فدفع إلى هذا الممنوع من دفعها إليه، فإنه لا تجزيه الزكاة، ويجب عليه أن يقضي، وتعتبر صدقة من الصدقات النافلة، أما بالنسبة للفريضة فلا تزال في ذمته، ولو كان جاهلاً ثم علم بالحكم؛ فإنه يلزمه القضاء، ويسقط عنه الإثم لمكان الجهل، ولكنه يُطالب بضمان حق الله عز وجل على الأصل المقرر في الجاهل، أن الجهل يوجب سقوط الإثم، ولكنه لا يُسقط الضمان في الحقوق.
وبناءً على ذلك فإن المصنف رحمه الله حينما نص على حرمة الدفع لمن نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن دفع الزكاة إليه فكأنه يقرر هذين الأمرين: حرمة الدفع، وأن من دفع لا يجزيه ذلك عن زكاة الفرض وأن عليه القضاء.