زكاة مال الصبي والمجنون

قال رحمه الله: [وتجب في مال صبيٍ ومجنون].

أي: (وتجب الزكاة في مال الصبي والمجنون) الصبي: من الصبا، والصبا: هو الطور الذي يسبق البلوغ، والبلوغ يكون بوصول الإنسان، بلغ الشيء إذا وصله، وسمي البلوغ بلوغاً؛ لأن الإنسان يصل فيه إلى طور العقل.

فإذا كان الذي يملك المال صبياً، ومثال ذلك: لو مات رجلٌ وعنده ثروة، وخلّف ابنين، وقُسمت الثروة عليهما، ونصيب كل واحد منهما قد بلغ النصاب، وكان الصبيان دون البلوغ، فهما يتيمان،

و Q هل نقول: إن اليتيم غير مكلّف، فكما أنه لا تجب عليه الصلاة لا يجب عليه أن يزكي، أم أننا نقول: إنه تجب عليه الزكاة في ماله؟ للعلماء قولان: الجمهور على وجوب الزكاة في أموال اليتامى، وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه: لا تجب، والصحيح مذهب الجمهور؛ لأن الزكاة حق متعلق بالمال، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [التوبة:103]، وقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه -وهو المأمور باتباع سنته- أنه قال: (اتجروا في أموال اليتامى، لا تأكلها الصدقة)، وهذا قد قاله بمسمعٍ ومرأى من فقهاء الصحابة؛ لأن عمر رضي الله عنه كان يمنع فقهاء الصحابة من الخروج من المدينة حتى إذا أرادوا أن يخرجوا للجهاد منعهم؛ خوفاً من نزول المسائل والنوازل، فإنه كان يستشيرهم، ومع ذلك قال هذه الكلمة ولم ينكر عليه أحد، فدلّ على أن الزكاة حق متعلق بالأموال، وليس متعلقاً بالمكلَّف نفسه، بمعنى: أنه يسقط على من كان غير مكلَّف كالصبي والمجنون.

وعلى هذا فتجب الزكاة في مال الصبي ومال المجنون؛ لأن الصبي إذا كان عليه دين للمخلوق وجب عليه أن يؤديه، فكذلك الزكاة هي دين وحق لله في أموال الناس، فيجب عليه أن يخرجه، ولا تتعلق الزكاة بالبلوغ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015