قوله: (بنية التجارة) أي: لا بد في زكاة العروض من وجود نية التجارة، فالعبرة في حول زكاة العروض بالنية، فمتى ما نوى المتاجرة بهذا المال، فإنه يبتدئ الحول من هذه النية، والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات)، ولا شك أن الزكاة داخلة في هذا العموم، فلا يُحكم بوجوب الزكاة على إنسان في مالٍ على أنه من عرض التجارة حتى ينوي المتاجرة به؛ فإن المال حينئذٍ صدُق عليه أنه معروضٌ للتجارة.
ولكن لو كانت نيته القنية، أي: أنه تملكه للقنية، أو للارتفاق به، فهذا ليس من عروض التجارة، ولا يدخل في هذه النية كون الإنسان عنده بيت أو عنده سيارة، وينوي في قرارة قلبه أنه إذا احتاج إلى بيعها أنه يبيعها، فإن هذه النية مترددة، ولا توجب الحكم بوجوب زكاة عروض التجارة؛ فالإنسان من حيث هو لو أصابته فاقة أو حاجة، فسيبيع ما يملك، فهذه النية عارضة ولا تؤثر، ولا بد من وجود النية المستقرة التي يقصد منها المتاجرة، سواء كان ذلك في العقارات أو المنقولات، والمنقولات كالأغذية، فلو اشترى مائة كيس من طعام، ونوى أن يتاجر بها، فإنها من عروض التجارة، وكذلك العقارات، فلو اشترى أرضاً أو اشترى داراً أو عمارةً، وقصد منها أن يربح بها الأكثر، فحينئذٍ تعتبر هذه الأرض وهذه العمارة من عروض التجارة، وزكاتها زكاة عروض التجارة.