Q استأجر رجل أرضاً لزراعتها واتفق مع صاحب الأرض على ربع الخارج من ثمارها وحبوبها، فهل هذا جائز، أم لا؟ وما العمل فيما سبق، أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم استئجار الأرض بربع ما يخرج منها أو بنصف ما يخرج منها لا يجوز على أصح أقوال العلماء كما ذكرنا.
الحلّ في هذه الحالة: إذا استأجر وتمّ العقد، فإن القاعدة في الإجارات الفاسدة أنها تُفسخ إن أمكن الفسخ، بمعنى: أنه يقال لكل منهما أن يجدد العقد، وإذا أمكن ذلك فلا إشكال، أما لو زرع وخرج الزرع ومضت المدة، فالحكم حينئذٍ في القضاء والفتوى أن ذلك يردّ إلى أجرة المثل، فنقول: أنتم اتفقتم على وجه فاسد، فننظر كم أجرتها بالمعروف، فننظر في العرف في هذه القرية والمدينة أو المحلّ الذي فيه الأرض، لو أُجرت أرض مثل هذه الأرض بكم ستؤجر.
قالوا: كل شهر بألف -وقد مضت ستة أشهر مثلاً- فنقول للمستأجر: ادفع ستة آلاف وهي أجرة المثل، يجب عليك دفعها، وخذ الثمرة كاملة لك، فيكون حينئذٍ ليس لرب الأرض أن يشارك المستأجر في الثمرة، وتكون الثمرة بكاملها للمستأجر، وعليه أن يدفع لرب الأرض أجرة أرضه بالمعروف، ولذلك قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] فالعرف يُرد إليه عند وجود ما يقتضي ذلك من الخلل في الإجارات أو فساد عقدها، فنقول: كم مضى من الأشهر؟ قالوا: شهران أو ثلاثة أو أربعة، فنقول: ادفع أجرة هذين الشهرين بالمعروف، فحينئذٍ لا ظلمنا رب الأرض ولا ظلمنا من استأجر الأرض، وأعطينا الأرض حقها، وكان في ذلك تحقيق للمصالح كلها، فالعامل في الأرض استفاد بالأجرة وأخذ حقه، والمستأجر استفاد بحبه الذي زرع في أرضه وما يكون منه من نتاج، وأعطيت الأرض حقها بدون ظلم، وهذا هو عين العدل الذي أمر الله به ورسوله.
والله تعالى أعلم.