قال المصنف رحمه الله: [وكفارة كدين].
هذا من التسلسل والترتيب المنطقي في الأفكار، فقد بيّن لنا رحمه الله الحكم في حقوق العباد -إذا كان للإنسان على الإنسان دين- وأنه يختار رحمة الله عليه ما ذهب إليه جماهير العلماء من أن الدين يسقط الزكاة هذا إذا كان الدين لمخلوق، فما الحكم إذا كان الدين للخالق؟ القول الذي اختاره المصنف رحمة الله عليه أن الرجل لو كانت عنده مائة ألف، وهي مال للغير ودين للغير يستحقه عليه لا تجب الزكاة، فيرد
Q لو كان عنده ألف ريال، وعليك ديون لله عز وجل فيها، أو عندك خمسة آلاف ريال وعليك دين لله من عتق رقبة في كفارة قتل، أو كفارة جماع في نهار رمضان، أو في ظهار، الرقبة قيمتها خمسة آلاف ريال، وأنت تملك خمسة آلاف ريال، فعليك دين لله عز وجل.
فالمصنف رحمه الله بعد أن بين أن الديون تسقط الزكاة عن الأموال، قال رحمه الله: دين الله ودين المخلوقين سواء، فمن كان عليه دين للمخلوق يسقط به المال بحيث يستغرق المال كله أو ينزل به المال عن نصاب الزكاة فحينئذٍ يقولون: لا تجب عليه الزكاة، فلو كانت عنده خمسة آلاف وعليه عتق رقبة بخمسة آلاف ريال، فحينئذٍ يقول المصنف رحمه الله وجمهور العلماء: هذا المال وإن كان مما تجب فيه الزكاة، لكنه مستغرق لحق لله عز وجل، قالوا: نقيس حق الله على حق المخلوق، فكما أسقطنا الزكاة بحق المخلوق وهو الدين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فدين الله أحق أن يقضى)، وفي الصحيح: (ودين الله أحق بالوفاء)، قالوا: فمن كانت عليه كفارات مجتمعة أو متفرقة تستغرق بحقها من المال والنقد النصاب، أو تستغرق أمواله كلها فلا زكاة عليه، مثل من عنده خمسة آلاف وعليه عتق رقبة، أو عنده خمسة آلاف والرقبة قيمتها مثلاً ألفان وخمسمائة وعليه رقبتان تسقط عنه الزكاة، أو مثلاً عليه عتق رقبة كفارة، وعليه فدية أو عليه شاة جبراناً لواجب في الحج فوّته أو ضيعه، فحينئذٍ إذا جمعنا هذه الشياه الواجبة عليه في واجبات الحج، وجمعنا ما للرقبة من مال استغرق سبعة آلاف ريال وعنده سبعة آلاف ريال، أو عنده خمسة آلاف ريال وهي دون المبلغ المستحق عليه فلا زكاة عليه، هذا على القول الذي ذكرناه من أن الديون تسقط الزكاة، وقد ذكرنا ما هو راجح في هذه المسألة.