يقول المصنف رحمه الله: (وتسن تعزية المصاب): أي: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يعزي المسلم أخاه المسلم إذا أصيب بميته، بأن يذكر له ما عند الله عز وجل من الثواب إن صبر واحتسب الأجر، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صبّر ابنته فقال: (مرها فلتصبر ولتحتسب) وهذا يدل على أن من السنة أن يكون في تعزية الإنسان ما يقوي نفس المصاب؛ فإن الإنسان عند المصيبة يعزب عنه رشده وتضعف نفسه، ولربما يتسلط عليه الشيطان بالخواطر الرديئة، فإذا وجد من أخيه المسلم كلمةً تثبته أو كلمةً تقوي إيمانه، فإن ذلك يعود عليه بالخير؛ لأن الصبر عند الصدمة الأولى، فيقول له: أعظم الله أجرك، وغفر لميتك، وأحسن عزاءك.
ونحو ذلك.
قال العلماء: ألفاظ التعزية موسعٌ فيها؛ لأن الشرع لم يأمرنا بلفظ خاص، والقاعدة في الشريعة: (أن ما أطلقه الشرع يبقى على إطلاقه)، فكل لفظٍ يقوي نفس المصاب، ويجعله على حسن ظنٍ بالله عز وجل فإنه يعتبر من التعزية، ما لم يشتمل على محظور شرعي، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: (أنه عزى امرأة فقال: يا أمة الله! اصبري) فقوله: (يا أمة الله! اصبري) يعتبر تعزية، ونحو ذلك من الكلمات والجمل، وقد حُفظ عنه عليه الصلاة والسلام قوله: (إن لله ما أعطى وله ما أخذ، وكل شيءٍ عنده بمقدار، مرها فلتصبر ولتحتسب) فهذه أيضاً يعتبرها بعض العلماء من الألفاظ الواردة في التعزية، والأمر في ذلك -كما قال أهل العلم- واسع، فليس هناك لفظٌ مخصوص يلزم الإنسان به.