قال المصنف رحمه الله: [ولا بأس بالصلاة عليه في المسجد].
(ولا بأس): أي لا حرج ولا جناح أن يصلى على الميت في المسجد، والضمير في قوله: (عليه) ليس عائداً على القاتل نفسه ولا على المنتحر، إنما هو عائد على الميت، وهي مسألة خلافية: هل يجوز أن تدخل الجنازة إلى المسجد أو لا يجوز؟ بعض العلماء يمنع من إدخال الجنائز إلى المسجد، وكان هذا القول يقول به بعض الصحابة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك لما أرادت عائشة رضي الله عنها أن تصلي على سعد -رضي الله عن الجميع- أمرت أن يدخل إلى المسجد فأنكر الناس ذلك، فقالت: (سبحان الله! سرعان ما نسي الناس، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد).
فأخذ العلماء من هذا دليلاً على أنه يجوز إدخال الجنائز إلى المساجد للصلاة عليها، وخالف في ذلك أصحاب مالك رحمة الله عليهم، ووافقهم بعض الحنفية فقالوا: لا تدخل الجنائز إلى المساجد، وإنما يكون للجنائز مصلى، وقد كان للجنائز مصلىً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا على سبيل الأفضل، وأما دخولها إلى المسجد فلا حرج فيه، وهذا الذي عناه المصنف بقوله: ولا بأس بالصلاة عليه في المسجد، أي: لا جناح ولا حرج؛ خلافاً لمن قال من أهل العلم رحمة الله عليهم: إنه لا تدخل الجنائز إلى المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل مصلى يصلى فيه على الجنائز؛ لكن الصحيح أنه لا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على سهل في المسجد، وهذا حديث صحيح ثابت عنه عليه الصلاة والسلام.