Q امرأة مات زوجها وهي في عدة الحمل، وتريد الخروج من بيت زوجها لمرضها، ولعدم وجود من يرعاها، مع العلم بأنه قد توفي لها مولودان من قبل، فهل يجوز خروجها إلى بيت أحد محارمها؟
صلى الله عليه وسلم أولاً أهنئ هذه المرأة؛ لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (جاءت امرأة فقالت: يا رسول الله: ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا يوماً، فجعل لهن يوماً صلوات الله وسلامه عليه، فلما اجتمعن قال: ما منكن من امرأة تقدم بين يديها ثلاثة إلا كانوا لها حجاباً من النار، فقالت امرأة: واثنين يا رسول الله؟ فسكت، فقالت: واثنين يا رسول الله؟ قال: واثنين واثنين واثنين) فأسأل الله أن يجعل ما قدمته هذه المرأة حجاباً لها من النار.
أما الأمر الثاني: فأوصيها أن تحتسب الأجر في طاعة الله جل وعلا بلزوم بيت الزوج، فقد قال صلى الله عليه وسلم لـ فريعة بنت مالك بن سنان رضي الله عنها لما سألته عن حدادها: (امكثي في بيت زوجك الذي جاءك فيه نعيه حتى يبلغ الكتاب أجله).
فالمرأة تمكث في بيت الزوج في الحداد، فإن كانت مريضة يستدعى لها من يعالجها، فإن تعذر ذلك خرجت للعلاج ولا حرج عليها ثم ترجع؛ لأن ما جاز لحاجة يقدر بقدرها، فلذلك تمكث هذه المرأة في بيت زوجها حتى يبلغ الكتاب أجله، ولله الحكمة البالغة في هذا الحداد، فإن المرأة إذا مكثت في بيت زوجها تذكرته فترحمت عليه، ودعت له، واستغفرت له، وكان ذلك أدعى لسماحها عن أخطائه، وما كان منه من تقصير.
فمقصود الشرع من بقائها في هذا المكان أن يكون أدعى لترحمها، وهو حق الأزواج على أزواجهن، فكون كثير من النساء يتساهلن في هذا الحق، ويحرصن على الخروج هو خلاف السنة، وخلاف الهدي، فينبغي الحرص على هذا الأمر الذي شرعه الله تبارك وتعالى.
وأما إذا بلغ بالمرأة مقام الاضطرار، كأن تكون في مكان لا تأمن فيه أن تؤذى من الناس في عرضها، أو تقتل، أو يحصل لها ضرر في نفسها، أو أولادها فيجوز لها أن تتحول، واختلف العلماء في تحولها، فقال بعض العلماء: تتحول إلى أقرب مكان من قرابتها، وقال بعض العلماء: إذا إذن لها بالتحول ساغ لها أن تتحول لبيت بعيد مع وجود القريب، والله تعالى أعلم.