قال رحمه الله: [ويوجهه إلى القبلة].
هذه الأمور -قراءة سورة (يس) والتوجيه- تتعلق بالشخص الذي عند المحتضر، ومن عادة العلماء أن يبينوا الأمور التي يقوم بها الإنسان في حق نفسه، وكذلك الأمور التي ينبغي على الغير أن يقوم بها في حق ذلك المحتضر، فذكروا بالنسبة للشخص الذي عند المحتضر فعليه أمران: أحدهما: قولي، وهو قراءة السورة.
والثاني: فعلي، وهو توجيه المحتضر إلى القبلة.
وللسلف رحمهم الله في توجه المحتضر قولان: قال جمهور العلماء بمشروعيته، وأنه يستحب أن يوجه عند الاحتضار.
وقال بعضهم: بأنه لا يوجه، وهو المأثور عن سعيد بن المسيب رحمه الله، وأنكره على ابن أخيه.
والصحيح: أنه يشرع؛ وكونهم فعلوه بـ سعيد بن المسيب رحمه الله دل على أنه كان معروفاً في زمانه، وقد قال عليه الصلاة والسلام في القبلة: (قبلتكم أحياءً وأمواتاً) وأفضل ما يوجه إليه هو القبلة، ومن هنا: لا حرج في تقبيل الميت وتوجيهه إلى القبلة، وهذا التوجيه يكون على صورتين: الصورة الأولى: أن يرفع صدره قليلاً، وتكون رجلاه إلى جهة القبلة، فيكون مستقبلاً للقبلة بصدره وبوجهه.
والصورة الثانية: أن يكون مستقبلاً للقبلة كحال من ألحد في القبر، بأن يضجع على شقه الأيمن على جهة القبلة.
والأرفق به الصورة الأولى: وهي أن يرفع صدره قليلاً، ثم يكون وجهه إلى جهة القبلة، على خلاف ما يفعله بعض العوام من وضع رأسه جهة القبلة، فإن هذا على عكس القبلة، وإنما التقبيل أن توضع قدماه أو رجلاه جهة القبلة، ويرفع صدره قليلاً، والدليل على ذلك: أن الإنسان إذا صلى وهو مضطجع، يصلي على هذه الحالة، ولذلك يكون التقبيل بهذا الوجه.