Q هل من السنة تكرار عيادة المريض، خاصةً إذا طال مرضه أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم لا يخلو تكرار عيادة المريض من أحوال: الحالة الأولى: أن يكون المريض محتاجاً إلى هذا التكرار فلا إشكال في مشروعيته، وقد يتأكد، وقد يجب وذلك إذا كان المريض شديد القرابة كالوالدين والأبناء والبنات والإخوان والأخوات، فهؤلاء جرت العادة أن الإنسان يعودهم، بل قد تجري العادة في بعض الأحيان ألا يفارقهم إلا عند الحاجة والضرورة؛ فلذلك يتأكد على الإنسان أن يكرر عيادتهم ويتفقد أحوالهم.
الحالة الثانية: أن تكون تكرار عيادة المريض موجبة للسآمة والملل والضجر، فهذا ينبغي للإنسان أن يتقيه، وفيه مضرة وأذية للمريض، وأذية لأهل المريض، بل ينبغي على الإنسان أن يخفف عنهم، حتى في حال الزيارة لا يطيل القعود، ولا يطيل المكث، إلا إذا كان المريض يرتاح لذلك، وغلب على ظنك أنه يأنس بك، وأما إذا كان إنساناً ثقيلاً فإنه ينبغي عدم الإطالة، وإذا رأيت من المريض السآمة والملل، فإنه يشرع لك أن تقيم هذا العائد بأسلوب ليس فيه طرداً له، خاصةً إذا رأيت تعب المريض وضجره، فإن بعض الناس يمل ويثقل ويؤذي، وربما يدخل في العيادة بعض المشاكل أو بعض الفتن التي تقع بين القرابات أو تسبب خصومة، فمثل هذا يرى بعض العلماء أنه يشرع حجبه إذا كان في تكراره ما يوجب ذلك، أو يحصل به هذا المكروه؛ فإن درء المفاسد مطلوب، وما يتوقف عليه درء المفاسد يعتبر لازماً؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فدرء المفاسد واجب، وما لا يتم تحقيق هذا الواجب إلا به فهو واجب.
أما الحالة الثالثة: فهي أن يطول العهد بينك وبين المريض، أو تريد أن تطمئن عليه فلا ترتاح نفسك، كحبك وصديقك، فتريد أن تتفقد حاله؛ لأنك لا ترتاح حتى تراه وتطمئن عليه، فهذا تؤجر عليه، وهو -إن شاء الله- يعتبر من الإحسان الذي نُدب إليه، والله تعالى أعلم.