قوله: [تسنُ عيادة المريض] هذه العيادة تشمل المسلم، والكافر: أما بالنسبة للمسلم فلا إشكال في ذلك، وفي عيادتك للمسلم خيرٌ كثير؛ فبها تقوى نفسه ويرتاح، خاصةً إذا كان بينك وبينه ودٌ وحب؛ فإن المريض ربما نشط برؤية أحبابه وأصحابه أكثر من نشطه بالدواء والعلاج، فرؤيته لمن يحب أنسٌ له، وبهجةٌ لنفسه وراحةٌ لها، وطمأنينة لقلبه.
وأما بالنسبة لغير المسلم فإنه إذا كان كافراً فإنك تعوده بقصد دعوته إلى الإسلام، كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه عاد يهودياً ثم لقنه شهادة التوحيد، فنظر إلى والديه فقالا: أطع أبا القاسم، فأطاع النبي صلى الله عليه وسلم وتشهد، فحمد النبي صلى الله عليه وسلم ربه أنه أنقذه من النار بسببه.
وفي الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه: (عاد عمه أبا طالب عند حضور الموت، فقال: يا عم! قل: لا إله إلا الله؛ كلمةً أحاج لك بها بين يدي الله)، فهذا يدل على تأكد جواز ومشروعية عيادة المريض الكافر؛ وذلك بسبب تأليفه للإسلام.
أما المسلم فإن له حق العيادة، سواء كان براً أو فاجراً، صالحاً أو طالحاً؛ وذلك لأنه حقٌ للمسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) فكونه يقصر فيما بينه وبين الله لا يمنع من أداء حقه في الإسلام من عيادته، ولربما عاد الصالحون الفجار فذكروهم بما عند الله؛ فكان سبباً في حسن الخاتمة لهم وتوبتهم وإنابتهم إلى الله عز وجل.
وهذا مما يقصده الشرع، فإنه تكثيرٌ لسواد الأمة في الخير، وكذلك طاعةٌ للمطيع لربه، فإن المطيع إذا عاد أمثال هؤلاء وذكرهم بالله عز وجل، فإن هذا يعود بالخير عليه؛ لأنه يؤجر، وهو من الدعوة إلى الله عز وجل.
ولكن إذا كان الإنسان يغلب على ظنه أنه إذا زار الفاجر أو العاصي أنه سيتأثر وأنه سيتغير، فإنه قد يجب عليه أن يعوده؛ لأن دعوة الناس إلى الخير وهدايتهم متأكدة، فإذا غلب على الظن أنه يرجى نفعها فالأمر آكد.