السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقتها أنه: (خرج حينما بدا حاجب الشمس)، كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولذلك قال العلماء رحمهم الله: يستحب أن تكون صلاة الاستسقاء في وقت صلاة العيدين، وذلك بعد ارتفاع الشمس قيد رمح.
فقولها رضي الله عنها: (بدا حاجب الشمس)، تعبير يشير إلى ظهور ضوء الشمس، والحاجب هو الضوء، وإنما عبروا به لأن الضوء من الشمس يحجب الشمس، فأنت إذا رأيت الشمس مشرقة متوهجة بضوئها لا تستطيع أن ترى نفس الشمس؛ لأنه يحجبها عنك من شدة توهجه، ولذلك يقولون: حاجب الشمس.
أي: الذي يحجب الشمس من ضوئها.
فخرج عليه الصلاة والسلام، وكان قد وعد الناس بالخروج، وهذا من السنة كما سيأتي، فيخرج ويكون وقوعها في وقت الضحى، ويصلي بعد انتهاء وقت النهي، ووقت النهي يبدأ من بعد صلاة الصبح وينتهي بارتفاع الشمس قيد رمح، أما أثناء طلوع الشمس أو بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس فإنها لا تصلى قولاً واحداً عند العلماء، حتى حكي الإجماع على عدم مشروعية إيقاع صلاة الاستسقاء في أوقات الكراهة، فليس بمشروع أن يوقعها في هذا الوقت مع أن لها وجهاً وهو كونها من الصلوات ذوات الأسباب، لكنه لما كان الأمر فيه نوع تأسٍ واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع.
وأما آخر وقتها فبعض العلماء يقول: صلاة الاستسقاء جماعة تصح في الليل والنهار، ولا حرج أن يصلوا في الليل أو في النهار، أو في أي وقت إلا أوقات الكراهة.
فهذا مذهب طائفة من العلماء رحمهم الله.
وهذا المذهب لا يخلو من نظر؛ إذ لو كانت تصلى في أي وقت لالتمس عليه الصلاة والسلام وقت السحر، إلا أن بعض العلماء أجاب عن هذا الاعتراض وقال: إن وقت السحر يشق على الناس، خاصة وأن أكثرهم نائمون.
لكن أجيب بأن هذه المشقة مقدور عليها؛ لأنها صلاة في يوم معين، فلا مانع أن يكلفوا بها، وقد كان عليه الصلاة والسلام يندب الناس إلى إحياء العشر الأواخر، وهو يندب بذلك عامة الأمة.
ومهما يكن فهذا القول لا يخلو من نظر؛ لأنه لو كان فعلها في الليل مشروعاً لفعلها عليه الصلاة والسلام، ولو قلنا: إن فعلها في السحر فيه مشقة، فإنه لا مانع أن يفعلها بين العشاءين، وهذا أرفق وأخف بكثير على الناس، لكن كونه عليه الصلاة والسلام يتقصد أول النهار لا شك أنه هو الأولى والأحرى، ولذلك قال بعض العلماء: إنه ينتهي وقتها بالزوال كالعيد، وهذا هو الأشبه، ولذلك نجد الصحابة يلحقون صلاة الاستسقاء بصلاة العيد.