قال رحمه الله تعالى: [أو أذى بمطر أو وحل] وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر من هديه عليه الصلاة والسلام أنه إذا نزل المطر وحضرت الصلاة كان ينادي المنادي: (الصلاة في الرحال الصلاة في الرحال).
وهذا بعد قوله: حي على الصلاة.
وهذا من سماحة الشرع ويسره، وذلك أن الخروج في المرض أو في المطر لا يخلو من وجود الضرر والأذية، ولذلك يقولون: إذن الشرع بالتخلف عن الجماعة في حال المطر يدل على اعتبار الأضرار مرخِّصة في ترك الجماعة.
فكون الشرع مع وجود المطر يأذن في ترك الجماعة ينبِّه على أنه لو وُجِد الضرر الذي ذكرناه من خوف النفس والخوف على الأموال ونحوها يُشرع له التخلف؛ فإنها في مقام ضرورة، أو مقام حاجة قد تكون أشد من أذية المطر وما يكون فيه من مشقة.
وبعض العلماء يقول: يسير المطر وكثيره سواء، وهذه سنة ضائعة اليوم إلا ممن رحم الله، وينبغي للمؤذنين أن يحيوها، وأن يُنبه على المؤذنين بإحيائها، فإن الأذان يؤذن -سواءٌ هناك مطر أم لم يكن هناك مطر- وقل أن تسمع هذه السنة، بحيث يقال: الصلاة في الرحال.
فينبغي إحياء هذه السنة والتنبيه عليها، وأنه إذا وجد المطر يقول المؤذن: (الصلاة في الرحال الصلاة في الرحال) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان من هديه ذلك، وقد فعل ذلك ابن عمر رضي الله عنهما وأرضاهما، ورفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولذلك لا يقتصر على الأذان وحده، وإنما يدخل هذه العبارة؛ لأنها من ألفاظ الأذان المشروعة.
والمطر إن كان شديداً فقولاً واحداً أنه يتخلف ويعذر بالتخلف عن الجمعة والجماعة.
وأما إذا كان يسيراً فقال بعض العلماء: إن يسيره لا يوجب الترخيص، وإنما يوجب الترخيص إذا كان فيه ضرر.
بمعنى أن يكون شديداً.
وإن كان ظاهر النص على أنه يُرخص في المطر مطلقاً، والاحتياط أنه إذا كان يسيراً وأمكن الإنسان أن يشهد معهم الجماعة دون وجود ضرر فإنه يشهدها.
قوله: [أو وحل].
هو الذي يكون ناتجاً عن المطر، كالطين الذي يكون في الطريق، فإذا كان طريقه فيه وحل فحينئذٍ لا حرج أن يتخلف عن الجماعة؛ لأن الشرع لما أذن بالصلاة في البيوت مع وجود المطر فإن الوحل أثر من الآثار التي أوجبت الرخصة.