قال رحمه الله تعالى: [ولا الفذ خلفه أو خلف الصف إلا أن يكون امرأة].
أي: لا تصح صلاة الفذ إذا وقعت خلف الصف، فإنه إذا صلى منفرداً خلف الصف لم تصح صلاته، إلا المرأة، فإن النص ورد باستثنائها.
أما الدليل على أن المنفرد لا تصح صلاته خلف الصف فحديث وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف).
وكذلك حديث علي بن شيبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم انفتل من صلاته ورأى رجلاً يصلي وحده فقال له: (استقبل الصلاة -أي: أعد الصلاة- فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، فدل على أن من صلى وراء الصف ركعة كاملة فأكثر أن صلاته باطلة وتلزمه الإعادة.
قوله: [إلا أن يكون امرأة] أي: إلا أن يكون الواقف امرأة، وهذا الأصل فيه حديث أنس رضي الله عنه -وهو ثابت في الصحيحين- أن النبي صلى الله عليه وسلم زار أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها وأرضاها، قال أنس: فقال لنا: (قوموا فلأصلي لكم) -وهذا في الضحى- قال أنس: (فقمت إلى حصير قد اسود من طول ما لُبس فنضحته، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من خلفنا).
ووجه الدلالة أن العجوز -أي: المرأة- صلت وراءهم وهذا يدل على أن المرأة إذا انفردت فصلاتها صحيحة، وعلى هذا قالوا: إن عموم قوله: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) يخصص، وتستثنى منه المرأة لثبوت الحديث الصحيح باستثنائها، وللشرع في ذلك حكم، منها: دفع المفاسد باختلاط الرجال مع النساء.