Q لو صلى الإمام بجماعةٍ وهو محدث، ولم يعلم إلا بعد انتهاء الصلاة، فهل يخبر المأمومين ويُعتبر من واجبات الإمامة بيان هذا الأمر؟
صلى الله عليه وسلم إذا صلى الإمام وهو محدث ثم تبيّن له بعد الصلاة وبعد تمام الصلاة أنه كان محدثاً فصلاة من وراءه صحيحة، ولا يلزمه أن يخبرهم، بل يقتصر على الوضوء إذا كان محدثاً حدثاً أصغر، أو الغسل وإعادة الصلاة إن كان محدثاً حدثاً أكبر، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه وأرضاه -كما روى مالك في الموطأ- أنه صلى بالناس الصبح -أي: الفجر- ثم انطلق إلى مزرعةٍ له بالجرف -وهي من ضواحي المدينة- فلما جلس على الساقية -أي: على القنطرة التي فيها الماء- رأى أثر المني على فخِذه، فقال: ما أُراني إلا أجنبت وصليت وما اغتسلت.
وهذا بعد طلوع الشمس، ثم اغتسل رضي الله عنه، وفي رواية قال: إنا لما أصبنا الودك لانت العروق.
اغتسل رضي الله عنه وصلى، ولم يأمر الناس بالإعادة.
قالوا: وهذا القول هو قول جمهور العلماء رحمةُ الله عليهم، وله أصل في حديث أبي هريرة الذي ذكرناه في صحيح البخاري: (يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم) أي: لكم صلاتكم صحيحة وعليهم خطؤهم.
ولكن لا يجوز للإمام أن يتقدم بالناس وهو مُحدِث، ولا يجوز للمأموم أن يأتم به إذا علم حَدَثَه، أو رأى عليه نجاسة، فإنك إذا رأيت حدثه وعلمت كونه مُحدِثاً، أو رأيت الإمام وقد دخل وقضى حاجته وانتقض وضوؤه، أو سمعت منه ما يُوجب انتقاض وضوئه، ثم رأيت منه الذهول والنسيان، فتقدم بالناس وصلَّى فلا يجوز لك أن تأتم به، وإن ائتممت به فذهب طائفة من العلماء إلى أن الصلاة باطلة ولا تصح.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.