Q هل تشترط الطهارة للأذان؟
صلى الله عليه وسلم الطهارة للأذان لا تشترط، وبناءً على ذلك يجوز للإنسان أن يذكر الله في الأذان ولو لم يكن متوضئاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن وهو على غير وضوء، فمن باب أولى الأذان الذي هو دون القرآن؛ لأن القرآن أفضل، وقد جاء في الأثر: (فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه)، كما في الصحيح، فإذا كان القرآن الذي هو أفضل الأذكار وأشرفها وأعظمها لا تشترط له الطهارة لتلاوته فمن باب أولى الأذان الذي هو دون ذلك، وبناءً على هذا يصح الأذان من المحدث، ولكن ليس الإشكال هنا، فالإشكال أنه إذا دخل المسجد وأذن سيضطر إلى الخروج بعد الأذان، وهذا أمر منكر يقع حتى من بعض طلاب العلم؛ فإن الإنسان إذا سمع الأذان وهو في المسجد لا يخرج ولو إلى مسجد أفضل من المسجد الذي هو فيه، بل يجب عليه أن يبقى في المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج بعد الأذان، حتى إن ابن مسعود رضي الله عنه لما رأى رجلاً خرج بعد الأذان قال: أما هذا فقد عصى الله ورسوله فلا يجوز الخروج بعد الأذان إلا لمن كان محدثاً، قالوا: فهذا محدث، ويكون حدثه عالماً به قبل الأذان، فكأنه يتعاطى أسباب التقصير، بخلاف من أحدث أو تذكر أنه محدث بعد الأذان، لكن إذا أحدث قالوا: يضع يده على فيه كما ورد في السنة، ثم يخرج أما أن الإنسان يؤذن ثم يخرج من المسجد، خاصة ما يجعله بعض المؤذنين الآن -أصلحهم الله- من التساهل في مثل هذه الأمور، فتجده لا يحضر إلا عند الإقامة، فيؤذن ثم يخرج، وقد يخرج خارج المسجد، وقد يخرج إلى مصالح دنيوية، وهذا من بالغ الغفلة -نسأل الله السلامة والعافية- وبسبب تقصير كثير من الناس في تعظيم شعائر الله عز وجل بعد أن كان الأئمة والمؤذنون لا يفارقون المساجد، وترى الرجل منهم وتعرفه كحمامة المسجد، وإذا أردت أن تبحث عن إنسان منهم وتعلم أين هو فانظر إليه في المسجد، فلا يؤذن للصلاة إلا وجدته في الصفوف الأول حريصاً عليه، أو قريباً من المسجد، لكن الآن قد تجده يؤذن ثم يخرج في صلاة الفجر ويجلس مع أصحابه أو أولاده، ثم لا يخرج إلا وقت الإقامة، كأنه أمر من أمور الدنيا، نسأل الله السلامة والعافية.
فينبغي التناصح في مثل هذا، حتى لطلاب العلم الذين يخرجون بعد الأذان، ولو كانوا أئمة لا يخرجون، فإذا أرادوا أن يخرجوا فعليهم أن يخرجوا قبل الأذان.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا للسداد والرشاد، وأن يلهمنا لما فيه مرضاته، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.