قال المصنف رحمه الله تعالى: [وبوله في طريق وظل نافع].
أي: ولا يجوز للمكلف أن يبول في طريق؛ لأنه مكان اللعنة، والطريق سمي طريقاً من الطرْق، قالوا: لأن الناس يطرقونه بنعالهم، وقيل: لأنه يُسمع فيه طرق النعال.
والطريق ينقسم إلى أقسام: الطريق المعين المحدد، وهذا لا إشكال في حرمة قضاء الحاجة فيه سواء كانت بولاً أو غائطاً، ومن فعل ذلك لا يؤمن عليه اللعن؛ لأن الناس تلعنه، فيكون ذلك ضرراً عليه في دينه ودنياه وآخرته؛ أما في دينه فللإثم وحصول أذيته للناس، وحرم البول في الطريق وقضاء الحاجة؛ لأن الناس إذا مرّت تأذّت بالرائحة، وربما لم تعلم بالنجاسة فوطئتها، فكان ذلك ضرراً عليهم في صلاتهم، وضرراً عليهم في ثيابهم وأبدانهم، فاستضروا في دينهم ودنياهم، ولا يجوز للمسلم أن يؤذي إخوانه أو يتسبب في أذيتهم؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فوصفه بكونه مسلماً؛ لعدم الأذيه، فلا تجوز أذية المسلم، بالبول في الطريق والظل.
النوع الثاني من الطريق: أن يكون له جوانب مهيأة لقضاء الحاجة كطرق السفر، فالإنسان ينتحي منها ناحية، وقد تكون محجوزة لا يستطيع الإنسان أن يذهب في مكان غير أطراف الطريق، فإذا داهمته حاجته واحتاج أن يبول فلا حرج عليه أن يقضي حاجته؛ لبعد جوانب الطريق عن الضرر، وزوال العلة الموجبة للمنع، وقد ورد فيها الحديث: (اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يبول في ظل الناس وفي طريقهم).
أما قضاء الحاجة تحت الظل فإنه أذية بالغة؛ لأن الناس يحتاجون إلى الظل خاصة في الأسفار، كأن وهي الأضرار التي لا يجوز فعلها، ويعتبر آثماً في هذا الفعل إذا قصد الأذية، ولذلك ينبغي عليه أن يطلب مكاناً لا يأوي الناس إلى ظله، ولا يرتفقون بالمشي عليه، وهي الأماكن الخالية.