إذاً إلزام أبي حنيقة للحنابلة صحيح لكن على القول الصحيح لا يلزم هذا الإلزام ونخرج عنه بما ذكرت من أن المسافر يصلي ركعتين إذا لم يدرك ركعة مع الإمام المقيم.

• ثم قال رحمه الله:

إذا كان نوى الظهر.

يعني: يشترط للمأموم المسبوق في الجمعة الذي لم يدرك ركعة وأمرناه أن يصليها ظهراً يشترط أن ينوي قبل التحريمة أنها ظهر فإن لم ينو بطلت وأعادها ظهراً.

التعليل: - قالوا: لوجهين:

- الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات) وهذا دخل وقد نوى أن يصلي الجمعة والجمعة شيء والظهر شيء آخر.

- الوجه الثاني: قالوا: نحن نبني هذا على الأصل السابق وهو أن صلاة الجمعة صلاة مستقلة وليست هي صلاة الظهر.

- ثالثاً: القاعدة المقررة وهي أنه لا يستطيع الإنسان أن ينتقل بنيته من معين إلى معين لا سيما في الفرائض وهنا انتقل من معين إلى معين. فالمعين الأول هو: الجمعة. والمعين الثاني هو: الظهر.

وهذه الأدلة قوية جداً ووجيهة غاية ما تكون الوجاهة.

= والقول الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد: أنه يجوز أن ينويها جمعة ثم يقلبها إلى الظهر إذا تبين له أنه لم يدرك مع الإمام ما يجزئ في الجمعة.

واستدلوا بأدلة:

- منها: عكس القاعدة السابقة وهي: أن الجمعة هي الظهر ولكنها مقصورة.

وتقدم معنا أن الجمعة مستقلة وليست هي الظهر مقصورة.

- واستدلوا بدليل آخر: وهو المشقة والعنت والحرج الذي يلحق الناس من اشتراط أن ينوي الظهر فإنك لا تكاد شخصاً من العوام إذا دخل مع الإمام في صلاة الجمعة ينوي أنها ظهراً وإنما يدخل معه فإن تبين له أنه لم يدرك ولا ركعة صلاها أربعاً - إن كان أيضاً أنه يفهم هذا الأمر.

إذاً: في إلزام الناس بأنه يجب أن تنويها ظهراً إذا لم تدرك ركعة فأكثر فيه مشقة ظاهرة.

ومع ذلك أنا أقول أن الراجح مذهب الحنابلة لقوة الأدلة ووضوح الدلالة منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015